وليس بجيد ، فإن الحكم إضافي لا يعقل إلا متعلقا فلا يعقل تعلقه مع قدمه بالحادث، كما لا تعلل ذاته بالحادث، وجاز بقاء حقيقة الزنا كما كانت لكن بحدوث صفة المؤثرية.
وفيه نظر، فإن الحقيقة إذا لم توجب أولا، فالمطلوب وهو أنها بعد الجعل إن أثرت فليست هي، وإلا لم تكن سببا، والصادر عن الشارع المؤثرية، وهي مغايرة للحكم والعلية ولها تعلق بالحكم، وليس بجيد، فإن المؤثرية إنما تستند إلى المؤثر، ومعرفة السببية تستند إلى الخطاب أو إلى الحكمة الملازمة للوصف مع اقتران الحكم بها في صورة، فلا تستدعي سببا آخر يعرفها حتى يلزم التسلسل، وبه يندفع ما بعده وليس بجيد، فإن السبب حينئذ يساوي الحكم في الاستناد إلى الخطاب، فافتقار أحدهما يقتضي افتقار الآخر، والحكمة كما لا تعرف الحكم لخفائها، كذا لا تعرف السببية.
والحكمة المعرفة للسببية حكمة مضبوطة بالوصف المقترن بالحكم، (1) لا مطلق الحكم، فإنها إذا كانت خفية غير مضبوطة بنفسها ولا بملزومها من الوصف، لم يكن تعريف الحكم بها لاضطرابها واختلافها باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان.
وعادة الشرع في مثل ذلك رد المكلفين إلى المظان الظاهرة المنضبطة المستلزمة لاحتمال الحكمة دفعا للمشقة والحرج، كما في التقصير المستند إلى المسافة التي هي مظنة المشقة، ولم يستند الحكم إلى المشقة لعدم ضبطها.
وليس بجيد، لأن مطلق الحكمة إن جاز تعليل السببية جاز تعليل الحكم
Page 104