وعلم الكلام شرط في كون العالم متسما (1) بالعلوم الدينية، إذ مبادئها منه تؤخذ، وليس شرطا في كون الأصولي أصوليا، أو كون الفقيه أو المفسر أو المحدث فقيها أو مفسرا أو محدثا، فإن الفقيه إنما ينظر في نسبة فعل المكلف إلى خطاب الشرع في أمره ونهيه، ولا يجب عليه الرد على المجبرة، وإثبات الأفعال الاختيارية للمكلف، ولا وجود الأعراض، فقد شك قوم في وجودها، والفعل عرض، ولا إقامة البرهان على ثبوت خطاب الشرع وكيفية كلامه، بل يأخذ جميع ذلك مسلما في علمه مقلدا فيه.
وكذا الأصولي يتقلد من المتكلم صدق الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأن قوله حجة، ثم ينظر في وجوه دلالة أقواله.
واعلم أنه لما كان ذو المبدأ متأخرا عن مبدئه، وجب تأخر هذا العلم عن علم الكلام، واللغة، والنحو، لا عن الجميع بل عما يتوقف عليه خاصة، وكذا لا يجب تأخر جميع هذا الفن، بل ما يتوقف منه خاصة.
Page 73