معرفة ذلك من أصول الفقه وقوله: "وحال المستفيد" هو مجرور أيضا بالعطف على دلائل أي ومعرفة حال المستفيد وهو طلب حكم الله تعالى فيدخل فيه المقلد والمجتهد كما قال في الحاصل لأن المجتهد يستفيد الأحكام من الأدلة، والمقلد يستفيدها من المجتهد، وإنما كان معرفة تلك الشروط من أصول الفقه، لأنا بينا أن الأدلة قد تكون ظنية وليس من الظن ومدلوله ارتباط عقلي لجواز عدم دلالته عليه، فاحتاج إلى رابط وهو الاجتهاد، فتلخص أن معرفة كل واحد مما ذكر أصل من أصول الفقه، ومجموعها ثلاث فلذلك أتى بلفظ الجمع فقال أصول الفقه معرفة كذا وكذا ولم يقل: أصل الفقه وهذا الحد ذكره صاحب الحاصل فقلده فيه المصنف، وفيه نظر من وجوه: "أحدها" كيف يصح أن يكون أصول الفقه هو معرفة الأدلة مع أن أصول الفقه شيء ثابت سواء وجد العارف به أم لا ولو كان هو المعرفة بالأدلة لكان يلزم من فقدان العارف بأصول الفقه وليس كذلك، ولهذا قال الإمام في المحصول: أصول الفقه مجموع طرق الفقه، ولم يقل معرفة مجموع طرق الفقه، وذكر نحوه في المنتخب أيضا وكذلك صاحب الأحكام وصاحب التحصيل وخالف ابن الحاجب فجعله العلم أيضا، وحاصله أن طائفة جعلوا الأصول هو العلم لا المعلوم. "ثانيها" أن العلم بأصول الفقه ثابت لله تعالى لأنه تعالى عالم بكل شيء، ومن ذلك هذا العلم الخاص، ولا بد من إدخاله في الحد وإلا لزم وجود المحدود بدون الحد لكنه لا يمكن دخوله فيه لأنه حده بقوله: معرفة دلائل الفقه والمعرفة لا تطلق على الله تعالى لأنها لا تستدعي سبق الجهل كما تقدم. "ثالثها" أنه جمع دليلا على دلائل هنا وفي أوائل القياس حيث قال لعموم الدلائل وفي أول الكتاب الخامس حيث قال في دلائل اختلف فيها، وإنما صوابه أدلة قال ابن مالك في شرح الكافية والشافية لم يأت فعائل جمعا لاسم جنس على وزن فعيل فيما أعلم لكنه بمقتضى القياس جائز في العلم المؤنث كسعائد جمع سعيد اسم امرأة، وقد ذكر النحاة لفظين وردا من ذلك ونصبوا على أنهما في غاية القلة أنه لا يقاس عليهما. "رابعها" وهو مبني على مقدمة من أن كل علم له موضوع ومسائل، فموضوعه هو ما يبحث في ذلك العلم عن الأحوال العارضة له، ومسائله هي معرفة تلك الأحوال، فموضوع علم الطب مثلا هو بدون الإنسان لأنه لا يبحث فيه عن الأمراض اللاحقة له، ومسائله هي معرفة تلك الأمراض، والعلم بالموضوع ليس داخلا في حقيقة ذلك العلم كما أوضحناه في بدن الإنسان، وموضوع علم الأصول هو أدلة الفقه لأنه يبحث فيها عن العوارض اللاحقة لها من كونها عامة وخاصة وأمرا ونهيا وهذه الأشياء هي المسائل، وإذا كانت الأدلة هي موضوع هذا العلم فلا تكون من ماهيته، فإن قيل موضوع هذا العلم هو الأدلة الكلية من حيث دلالتها على الأحكام، وأما مسائله فيه معرفة الأدلة باعتبار ما يعرض لها كونها عامة وخاصة وغير ذلك وهذا هو الواقع في الحد، قلنا لا
1 / 10