Nihayat al-rutbat fi talab al-hisbat
نهاية الرتبة في طلب الحسبة
Maison d'édition
مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر
Lieu d'édition
القاهرة
الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ
فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْحَمَّامَاتِ (^١) وَقَوَّمْتهَا
قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ - وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ - أَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ (^٢) الْحِسْبَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِعُمُومِ الِانْتِفَاعِ بِمَعْرِفَتِهَا، وَهِيَ لَائِقَةٌ بِهَذَا الْمَكَانِ. وَلَعَمْرِي إنَّ الْحِكْمَةَ ضَالَّةُ كُلِّ حَكِيمٍ، وَالْفَائِدَةَ (^٣) حَسَنَةٌ حَيْثُ وُجِدَتْ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: خَيْرُ الْحَمَّامَاتِ مَا قَدُمَ بِنَاؤُهُ، وَاتَّسَعَ هَوَاؤُهُ، وَعَذُبَ مَاؤُهُ، وَقَدَّرَ الْأَتَانُ وَقُودَهُ بِقَدْرِ مِزَاجِ مَنْ أَرَادَ وُرُودَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الطَّبِيعِيَّ [لِلْحَمَّامِ هُوَ] (^٤) التَّسْخِينُ بِهَوَائِهِ، وَالتَّرْطِيبُ بِمَائِهِ؛ فَالْبَيْتُ الْأَوَّلُ مُبَرِّدٌ مُرَطِّبٌ، وَالْبَيْتُ الثَّانِي مُسَخِّنٌ مُرْخٍ (^٥)، وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ مُسَخِّنٌ مُجَفِّفٌ. وَالْحَمَّامُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَنَافِعَ وَمَضَارَّ، فَأَمَّا مَنَافِعُهَا فَتَوْسِيعُ الْمَسَامِّ وَاسْتِفْرَاغُ الْفَضَلَاتِ، [وَهِيَ] (^٦) تُحَلِّلُ الرِّيَاحَ، وَتَحْبِسُ الطَّبْعَ إذَا كَانَتْ سُهُولَتُهُ عَنْ هَيْضَةٍ (^٧)، وَتُنَظِّفُ الْوَسَخَ وَالْعَرَقَ، وَتُذْهِبُ الْحَكَّةَ وَالْجَرَبَ [وَالْإِعْيَاءَ] (^٨)، وَتُرَطِّبُ الْبَدَنَ، وَتُجَوِّدُ الْهَضْمَ، وَتُنْضِجُ النَّزَلَاتِ (^٩) وَالزُّكَامَ، وَتَنْفَعُ مِنْ حُمَّى (^١٠) يَوْمٍ، وَمِنْ حُمَّى الدَّقِّ (^١١) وَالرَّبَعِ (^١٢) بَعْدَ نُضْجِ خَلْطِهَا.
وَأَمَّا مَضَارُّهَا فَإِنَّهَا تُرْخِي الْجَسَدَ، وَتُضْعِفُ الْحَرَارَةَ عِنْدَ طُولِ الْمُقَامِ فِيهَا، وَتُسْقِطُ شَهْوَةَ الطَّعَامِ، وَتُضْعِفُ
_________
(^١) استعمل لفظ الحمام في هذا الباب بصيغتي التذكير والتأنيث، وكلاهما صحيح.
(^٢) في س "قبله" وما هنا من ص، ل.
(^٣) في س "المفايدة" وما هنا من ص، ل، هـ.
(^٤) الإضافة من سائر النسخ الأخرى.
(^٥) في س "مرخى" وما هنا من له.
(^٦) الإضافة يتطلبها الأسلوب.
(^٧) الهيضة مغص وكرب يحدث بعدهما قيء. (الخوارزمي: مفاتيح العلوم، ص ٩٧).
(^٨) الإضافة من ص، هـ.
(^٩) في س "التركات" وما هنا من سائر النسخ الأخرى.
(^١٠) المقصود بذلك الحمى العارضة التي تزول في يوم واحد، وقلما تجاوزت ثلاثة أيام؛ وأعراضها قشعريرة ونخس، وعدم الاستمرار مدة طويلة. (ابن سينا: القانون، ج ٣، ص ٦).
(^١١) أعراض هذه الحمى أنها تدوم أياما كثيرة، ولكنها لا تكون قوية الحرارة، وينتهى الإنسان منها إلى ذبول وضنى. (الخوارزمي: مفاتيح العلوم، ص ٩٩).
(^١٢) هذه الحمى تأتي يوما ثم تذهب يومين، ثم تعود في اليوم الرابع. (نفس المرجع والصفحة).
1 / 86