301

La fin de la concision dans la biographie du résident du Hijaz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Maison d'édition

دار الذخائر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٩ هـ

Lieu d'édition

القاهرة

واسم أبى الصلت: عبد الله بن ربيعة بن عوف الثقفى- لما مرض مرضه الذى مات فيه جعل يقول: «قد دنا أجلى وهذه المرضة منيتي، وأنا أعلم أن الحنيفية حق، ولكن الشك يداخلنى في محمد» . ولما دنت وفاته أغمى عليه قليلا حتّى ظن من حضره من أهله أنه قد قضي، ثم أفاق وهو يقول: «لبيكما لبيكما، ها أنا ذا لديكما، لا برئ فأعتذر، ولا قوى فأنتصر» . ثم إنه بقى يحدّث من حضره ساعة، ثم أغمى عليه ثانيا، حتى يئسوا من حياته، وأفاق وهو يقول: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما.
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا ... وأيّ عبد لك لا ألمّا
ثم أقبل على القوم فقال: «قد جاء وقتي، فكونوا في أهبتي» . وحدثهم قليلا حتى يئس القوم منه.
وكان أمية يتعبد في الجاهلية، ويؤمن بالبعث، وأدرك الإسلام ولم يسلم، وإنه لما غشي عليه وأفاق قال:
كلّ عيش وإن تطاول دهرا ... صائر أمره إلى أن يزولا
ليتنى كنت قبل ما قد بدا لي ... في رؤوس الجبال أرعى الوعولا «١»
إنّ يوم الحساب يوم عظيم ... شاب فيه الوليد يوما ثقيلا
اجعل الموت نصب عينك واحذر ... غولة الدهر إنّ للدهر غولا
ثم قضى نحبه، ولم يؤمن بالنبى ﷺ، وذكر عن سهل أن النبى ﷺ لما سمع قول أمية:
لك الحمد والنعماء والفضل ربّنا ... فلا شيء أعلى منك حمدا وأمجدا
قال: «امن شعره وكفر قلبه» . وكفر قلبه: عدم إيمانه بالنبى ﷺ، وما سلف ذكره- من عدّه ممن امن به ﷺ «كقس بن ساعدة» فالقصد منه اعتقاد نبوته ﷺ قبل مبعثه، لا الإذعان بعد المبعث، حيث حمله على عدم الإيمان الحسد والحمية الجاهلية وغلبة الشقاء.

(١) الوعل: تيس الجبل، وهو جنس من المعز الجبلية له قرنان قويّان.

1 / 248