La Fin du Nécessaire sur le Commentaire du Minhaj

Shams al-Din al-Ramli d. 1004 AH
53

La Fin du Nécessaire sur le Commentaire du Minhaj

نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

أخيرة

Année de publication

1404 AH

Lieu d'édition

بيروت

بِتَصْدِيقِ الْقَلْبِ بِهِ إذْعَانُهُ وَقَبُولُهُ لَهُ وَالتَّكْلِيفُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ النَّفْسَانِيَّةِ دُونَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِالتَّكْلِيفِ بِأَسْبَابِهِ كَإِلْقَاءِ الذِّهْنِ وَصَرْفِ النَّظَرِ وَتَوْجِيهِ الْحَوَاسِّ وَرَفْعِ الْمَوَانِعِ. وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ إلَى أَنَّ الْإِيمَانَ مَجْمُوعُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: اعْتِقَادِ الْحَقِّ، وَالْإِقْرَارِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ. فَمَنْ أَخَلَّ بِالِاعْتِقَادِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَمَنْ أَخَلَّ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ أَخَلَّ بِالْعَمَلِ فَهُوَ فَاسِقٌ وِفَاقًا، وَكَافِرٌ عِنْدَ الْخَوَارِجِ، وَخَارِجٌ عَنْ الْإِيمَانِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْكُفْرِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ التَّصْدِيقُ وَحْدَهُ أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ الْإِيمَانَ إلَى الْقَلْبِ فَقَالَ ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ﴾ [المجادلة: ٢٢]، ﴿وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦]، ﴿وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة: ٤١]، ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ١٤] وَعَطَفَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَقَرَنَهُ بِالْمَعَاصِي فَقَالَ ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [الحجرات: ٩]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨]، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢] وَقَالَ ﷺ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك» «وَقَالَ لِأُسَامَةَ حِينَ قَتَلَ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبِهِ» وَلَمَّا كَانَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ أَمْرًا بَاطِنًا لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ جَعَلَهُ الشَّارِعُ مَنُوطًا بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ١٣٦] وَقَالَ ﷺ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، فَيَكُونُ الْمُنَافِقُ مُؤْمِنًا فِيمَا بَيْنَنَا كَافِرًا عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء: ١٤٥] . وَهَلْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّوَارُثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَغَيْرِهَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ، أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّاهُ قَوْلَانِ: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ إلَى أَوَّلِهِمَا وَعَلَيْهِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِاللُّغَةِ وَالْعُرْفِ، وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى ثَانِيهِمَا، وَأَلْزَمَهُمْ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ فَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ اتِّسَاعِ وَقْتِ ــ [حاشية الشبراملسي] مِنْ الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ) أَيْ الْإِيمَانُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْإِيمَانَ (قَوْلُهُ غَيْرُ دَاخِلٍ) صِفَةٌ لِشَرْطٍ أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ قَوْلِهِ النُّطْقَ (قَوْلُهُ: إلَى أَوَّلِهِمَا) هُوَ قَوْلُهُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إلَى ثَانِيهمَا) ــ [حاشية الرشيدي] قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ الْقَلْبِ) أَيْ إجْمَالًا فِي الْإِجْمَالِيِّ وَتَفْصِيلًا فِي التَّفْصِيلِيِّ (قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ الذِّهْنِ وَصَرْفِ النَّظَرِ إلَخْ) لَا يُشْكِلُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ ضَرُورِيٌّ ضَرُورَةَ أَنَّ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ ضَرُورِيٌّ كَمَا مَرَّ،؛ لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ أَيْضًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ،، وَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظَرِيِّ أَنَّ مُقَدِّمَاتِهِ حَاصِلَةٌ تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ تَوْجِيهِ النَّظَرِ، بِخِلَافِ مُقَدِّمَاتِ النَّظَرِ، فَهِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فَاسِقٌ وِفَاقًا) فَمَعْنَى كَوْنِ الْأَعْمَالِ جُزْءًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ كَوْنُهَا جُزْءًا مِنْ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ كَمَا فِي الْإِعْلَامِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ كَانَ السِّيَاقُ يَأْبَاهُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ كَسِيَاقِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْأَصْرَحُ مِنْهُ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ إلَّا تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا مَرَّ، وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ أَنَاطَ الشَّارِعُ أَمْرَهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، هَلْ النُّطْقُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْإِيمَانِ، أَوْ جُزْءٌ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ، فَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى أَنَّهُمْ فَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا قَائِلٌ بِأَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَالنُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ لِلْإِجْرَاءِ الْمَذْكُورِ،، وَالْفَرِيقُ الثَّانِي يَقُولُ إنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَالنُّطْقُ جُزْءٌ مِنْهُ وَهَذَا لَا يُعْقَلُ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ إلَّا التَّصْدِيقُ أَنَّ النُّطْقَ الْمَذْكُورَ خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّاهُ، وَقَضِيَّةُ كَوْنِ النُّطْقِ جُزْءًا مِنْهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ فَيَكُونُ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا لَا مُجَرَّدَ التَّصْدِيقِ، وَهَذَا خَلَفٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى) هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَمْتَنِعْ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ (قَوْلُهُ: وَأَلْزَمهُمْ الْأَوَّلُونَ) فِي هَذَا الْإِلْزَامِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ،؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كَوْنَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطًا أَوْ جُزْءًا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ كَمَا مَرَّ

1 / 55