القسم الثاني: الهائم وظله، فقرة 284
لا تعترف أية حكومة حالية بأنها تبقي على جيشها لكي ترضي شهوات العدوان كلما تملكتها، وإنما تتذرع دائما بحجة الدفاع. وإنها لتهيب من أجل ذلك بالأخلاق التي تحض على الدفاع عن النفس، وتتخذ منها معبرا عن وجهة نظرها؛ غير أن معنى ذلك هو أن يحتكر المرء لنفسه الأخلاقية، وينسب إلى جاره اللاأخلاقية؛ إذ ينبغي أن ينظر إليه على أنه تواق إلى العدوان والغزو، إن كان من الضروري أن يفكر وطننا في وسيلة للدفاع عن نفسه. أما ذلك الذي ينكر على نفسه شهوة العدوان، تماما مثلما يفعل وطننا، ويؤكد من جانبه أنه لا يبقى على الجيش إلا لأغراض دفاعية، ويلجأ إلى نفس التبرير الذي استخدمنا جيشنا من أجله، فإنا نحمل عليه، ونقول عنه إنه دعي ومجرم وكاذب، يريد أن «ينقض» على ضحية بريئة عزلاء دون أن يصادف منها أية مقاومة. وعلى هذا النحو تقف كل الدول بعضها بإزاء البعض في وقتنا الحالي؛ فهي تفترض مقدما سوء النية في جارها وحسن النية في ذاتها؛ غير أن هذا الافتراض ذاته أمر «غير إنساني»، لا يقل ضررا عن الحرب ذاتها، إن لم يفقها في ذلك، بل إنه هو في أساسه المقدمة الأولى للحرب، وعلتها الأصلية؛ إذ إنه، كما قلنا، يؤدي إلى تبادل الاتهام باللاأخلاقية مع الجار، وبالتالي يبدو أنه يحض على سوء المقصد وسوء التصرف.
فعلى المرء أن يحمل على فكرة الجيش بوصفه وسيلة للدفاع، بنفس القوة التي يحمل بها على شهوة العدوان، وربما جاء يوم عظيم، يهتف فيه شعب امتاز على غيره في الحرب والظفر ، وفي التمرس على النظام العسكري والخبرة فيه، وتحمل في هذا أكبر التضحيات؛ يهتف هذا الشعب بملء حريته قائلا: «فلنحطم حسامنا!» ويقوم بتحطيم أداته الحربية حتى أعمق جذورها. فتحول المرء إلى المسالمة في الوقت الذي يكون فيه أقدر من غيره على القتال، هذا التحول إذا صدر عن سمو في الإدراك والفهم، كان هو وسيلة السلام «الحقيقي»، الذي ينبغي أن يرتكز على سلامة القصد، بينما يرتكز السلم المسلح المزعوم، الذي يسود اليوم كل البلاد، على سوء القصد، ما دام المرء لا يثق بذاته ولا بجاره، ولا يلقي بأسلحته، مدفوعا بشعور يمتزج فيه البغض مع الخوف.
إن الفناء لأفضل من البغض والخوف، وإن الفناء لأفضل ثلاثا من أن يجعل المرء غيره يبغضه ويخافه - هذا هو الشعار الأعلى الذي ينبغي أن يتخذه كل مجتمع سياسي على حدة! - ومن الجلي أن ممثلي شعوبنا الأحرار يفتقرون إلى فهم طبيعة الناس في الوقت المناسب، وإلا لأدركوا أن جهودهم تضيع عبثا، عندما يدعون إلى خفض تدريجي للأسلحة العسكرية. وعلى العكس من ذلك، فإن هذه الحاجة عندما تبلغ القمة، نكون قد اقتربنا كل الاقتراب من ذلك النوع من الإله الذي نحن في حاجة إليه. فشجرة المجد الحربي لا تجتث إلا دفعة واحدة، وبضربة كالبرق الخاطف. على أن البرق لا يأتي، كما تعلمون، إلا من السحب، ومن الأعالي.
DAS MITTEL, ZUM WIRKLICHEN FRIEDEN
Menschliches, allzumenschliches
2e. Abth.: Der Wanderer und sein Schatten. † 284
Keine Regierung giebt jetzt zu, dass sie das Heer unterhalte, um gelegentliche Eroberungsgelüste zu befriedigen; sondern der Vertheidigung soll es dienen. Jene Moral, welche die Nothwehr billigt, wird als ihre Fürsprecherin angerufen. Das heisst aber: sich die Moralität und dem Nachbar die Immoralität vorbehalten, weil er angriffs-und eroberunges-lustig gedacht warden muss, wenn unser Staat nothwendig an die Mittel der Nothwehr denken soll; überdies erklärt man ihn, der genau ebenso wie unser Staat die Angriffslust leugnet und auch seinerseits das Heer vorgeblich nur aus Nothwehrgründen unterhält, durch unsere Erklärung, weshalb wire ein Heer brauchen, für einen Heuchler und listiger Verbrecher, welcher gar zu gern ein harmloses und ungeschicktes Opfer ohne allen Kampft
überfallen
möchte. So stehen nun alle Staaten jetzt gege einander: sie setzen die schlechte Gesinnung des Nachbars und die gute Gesinnung bei sich voraus. Diese Voraussetzung ist aber eine
Page inconnue