هو :
طبعا أنت تتوقعين أني كالعادة سأكذبك في أن ما تحملينه هو رسالة دكتوراه حصلت عليها من وقت قصير، أو على أقل تقدير ستحصلين عليها حالا. تتوقعين أني لا أصدق أنك سيكولوجست معالجة نفسية حاملة دكتوراه. لا أنا أصدقك فعلا، ولكن أرجوك، أرجوك، حتى لا أجن، أعطني جوابا مقنعا عن هذا السؤال البسيط.
هي :
عن السلوك الإنساني عند الحيوان (موضوع رسالتها) ؟
هو (بانفجار) :
بالعكس، عن السلوك الحيواني لدى الإنسان، سلوك إنسانة مثلك، دارسة وعارفة ومدركة ومثقفة ولا تتضور جوعا وتقبل، بل وبإرادة راغبة تماما أن تعمل مومسا، وحتى إذا رغبت مومست من ترغبه. (اندهاشته طازجة ودائما طازجة وغريبة وبريئة، وكأنه لأول مرة يدرك أو يستنكر في بعض الروايات والأفلام المصرية. كان يفتح فم عقله مذهولا أن تقبل، بل تفخر إنسانة أنها مومس، وأبدا أبدا لا يستطيع أن يهضم أن يرضى رجل أن يعاشر، بل مجرد أن يلمس إنسانة يعرف أنها كالخرقة طوال يومها تتداولها الأيدي والأفواه والأبدان بطريقة تفقد فيها، لا بد أن تفقد فيها، خصوصيتها التي تصنع إنسانيتها، وبالتالي أنوثتها وآدميتها. دستوفسكي البغايا عنده ضحايا ومريمات، مريمات مجدليات داهمتهن الظروف وأرغمتهن إرغاما على بيع الجسد، هو مستعد أن يقبل هذا ويغفره. أما أن تفخر بكونها بغيا وتوغل في فخرها بمهنتها إلى حد أن تتباهى بها على الأخريات وعلى الناس وعلى رءوس الأشهاد، أما أن تتحول عاطفتها نفسها إذا استبدت إلى مومسة، فمسألة أبدا أبدا ما تصور إمكان حدوثها أو وجود نساء على نحو كهذا. بل أن يفسد خلق المرأة أو الرجل ويخون أو تخون، وحتى يفعل هذا ليل نهار، جريمة هذا صحيح، ولكن عملية البيع، بيع الجسد، بمقابل نقدي فوري مدفوع مسألة أخرى تماما.
وهذه ليست فتاة مضحوكا عليها في فيلم مصري، أو ضحية من ضحايا ذئاب دستوفسكي البشرية، هذه حاملة دكتوراه، مؤلفة، كاتبة، واضح حتى من عنوان كتابها أنها مكتشفة، وأنها ممكن أن توضع في مصاف فرويد ومدام كوري.)
هو (مرددا وبصوت أعلى) :
كيف؟! كيف؟!
هي (معدة نفسها لجلسة استرخاء تامة تجلس على «الفوتيه» ناقلة ساقها العليا السامقة كأصابع الموز الأمريكي الهائلة التناسق والطول، فوق الساق الأخرى محدقة ناحيته وقد قبلت التحدي) :
Page inconnue