كتابه ووضعه في مسك» فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «ثبت ملكه» (1). فوجه الجمع بين الحديثين أن كسرى تمزق ملكه فلم يبق لهم ملك وأنفقت كنوزه في سبيل الله وأورث الله المسلمين أرضهم، وقيصر ثبت ملكه بالروم وانقطع من الشام واستفتحت خزائنه التي بالشام وأنفقت في سبيل الله فمعنى لا قيصر بعده يعني بالشام والله أعلم.
وروى أبو هريرة (رضى الله عنه): أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «هل ترون قبلتي هاهنا فو الله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري» (2)
. وعن علي (رضى الله عنه) قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة فرحنا في نواحيها (3) خارجا منها فلم نمر بشجرة ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله (4)
. وروى جابر بن سمرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث وإني لأعرفه الآن» (5)
. قال مؤلفه العبد الفقير إلى الله محمد بن يوسف الزرندي سقى الله صوب الرحمة والرضوان ضريحه وأناله بكرمه محض لطفه وصريحه: هذه قطرة من بحار فضائله الزاخرة العباب ورشحة من سحائب مناقبه الدائمة التسكاب، ولمحة من زواهر مفاخره التي فاقت حد العد والحصر والحساب، ولمعة من شهب مآثره التي عجزت عن عد جزء من آلافها المؤلفة وإحصائها وتحريرها أنامل الحساب والكتاب، ومن ذا الذي يحصي الكواكب والقطر، وهذا القدر كاف فيما أشرنا إليه من فضائله وأحواله ومعجزاته (صلى الله عليه وسلم) ولو ذهبنا نتتبع ما ورد في ذلك لطال الكتاب وخرجنا عن المقصود في الإيجاز وعدم الاسهاب.
وقد ذكرنا جملا من أحواله وصفاته ومعجزاته وغزواته وفتوحاته (صلى الله عليه وسلم) في كتابنا الموسوم- بالاعلام بسيرة النبي (عليه الصلاة والسلام)- فمن أراد الزيادة على هذا فليراجعه إن شاء الله تعالى.
Page 72