وعصرت أم سليم عكة لها فأدمته ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه ما شاء الله أن يقول ثم قال: «ائذن لعشرة» فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: «ائذن لعشرة» فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: «ائذن لعشرة» حتى أكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون أو ثمانون رجلا (1)
. وعن جابر (رضى الله عنه) قال: استشهد أبي يوم أحد وترك عليه دينا وترك ست بنات، فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت: قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك دينا كثيرا وإني أحب أن يراك الغرماء فقال: «اذهب فبيدر كل تمر على ناحية» ففعلت ثم دعوته فلما نظروا إليه فكأنما أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ثم جلس عليه ثم قال: «ادع أصحابك» فما زال يكيل لهم حتى أدى الله عن والدي أمانته وأنا أرضى (2) أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة فسلم الله البيادر كلها، وحتى أني أنظر إلى البيدر الذي كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) كأنما لم تنقص (3) تمرة واحدة (4)
. وروى جابر بن عبد الله (رضى الله عنه) أيضا قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع له المنبر واستوى عليه اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاعتنقها فسكتت (5)
. وروى أبو هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «يهلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده، وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر بعده ولتنفق كنوزهما في سبيله» (6)
. فأظهر الله صدق رسوله (صلى الله عليه وسلم) كما أخبر، ولا يعارضه الحديث الآخر فإنه لما كتب إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام مزق كتابه فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «تمزق ملكه وكتب إلى قيصر فأكرم
Page 71