شديد فأرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) رجلين من أصحابه قال: أحسبه عليا والزبير أو غيرهما فقال: «إنكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا معها بعير عليه برادتان فأتياني بها» (1) قال: فأتيا المرأة فوجداها قد ركبت بين برادتين (2) على البعير فقالا لها: أجيبي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت: ومن رسول الله هذا الصابئي؟ قالا: هو الذي تعنين وهو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حقا، فجاءا بها فأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجعل في إناء من برادتيها ثم قال فيه ما شاء الله أن يقول، ثم أعاد الماء في البرادتين ثم أمر بعزلاء البرادتين (3) ففتحت ثم أمر الناس فملئوا آنيتهم وأسقيتهم فلم يدعوا يومئذ إناء ولا سقاء إلا ملئوه.
قال عمران: حتى كان يخيل إلي أنها لم تزدد إلا امتلاء قال: فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بثوبها فبسط ثم أمر أصحابه فجاؤوا من زادهم حتى ملأ لها ثوبها ثم قال لها: «اذهبي فإنا لم نأخذ من مائك شيئا ولكن الله سقانا» فجاءت أهلها فأخبرتهم فقالت: حسبكم من عند السحر الناس (4) أو إنه لرسول الله حقا قال: فجاء أهل ذلك الحواء (5) حتى أسلموا كلهم (6)
. وفي هذا الحديث دليل على أن أواني المشركين على الطهارة ما لم يعلم النجاسة فيها، ودليل على أن أخذ ماء الغير يجوز عند ضرورة العطش بالعوض، وقد أعطاها النبي (صلى الله عليه وسلم) من الزاد ما كان عوضا عن مائها والمزادة هي التي يسميها الناس راوية ، وإنما الراوية البعير الذي يسقى عليه والسطيحة نحو المزادة غير أنها أصغر من البرادة تصنع من جلد واحد، والمزادة أكثر من ذلك، والعزلاء فم المزادة الأسفل، والصابي عند العرب الذي خرج من دين إلى دين وكان المشركون يقولون لمن أسلم قد صبا.
وروى أبو قتادة (رضى الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج في جيش فلما كان في بعض الطريق تخلف
Page 68