289

La Parure des Perles dans la Correspondance des Versets et des Sourates

نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

Maison d'édition

دار الكتاب الإسلامي

Lieu d'édition

القاهرة

ونبهه على ما أودعه في ذاته عرفانًا ووجدًا؛ ثم جعل له فيما سخر له من خلقه متاعًا وأنسًا فأناسه وردده من بين إقبال وإدبار وقبول وإعراض، فمن شغل بالاستمتاع الأدنى عن الاطلاع الأعلى كان سفيهًا، ومن شغله الاطلاع الأعلى عن الاستمتاع الأدنى كان حنيفًا
﴿الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري﴾ [الكهف: ١٠١] ﴿ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه﴾ [البقرة: ١٣٠] ﴿إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا﴾ [النحل: ١٢٠] . ولما كان متاع الخلق في الأرض إلى حين وشغل أكثرهم أكلهم وتمتعهم وألهاهم أملهم عن حظهم من الحنيفية بما أوتي العقل من التبليغ عن الله نظرًا واعتبارًا اصطفى الله سبحانه من الحنفاء منبهين على النظر الذي اشتغل عنه المعرضون وأنف منه واستكبر عنه المدبرون، وأكدوا تنبيههم بما أسمعوهم من نبأ ما وراء يوم الدنيا من أمر الله في اليوم الآخر وما تتمادى إليه أيام الله، وذكروهم بما مضى من أيام الله، وأنزل الله سبحانه معهم كتبًا يتلونها عليهم ويبينونها لهم علمًا وعملًا وحالًا، فقبل ما جاؤوا به وصدقه واستبشر به الحنيفيون وأنذر به المدبرون والمعرضون، فمنهم من آمن ومنهم من كفر، آمن من تنبه للنظر والاعتبار وألقى السمع وهو شهيد،

1 / 305