La tendance de la pensée européenne au XIXe siècle
نزعة الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر
Genres
تلك المهيئات التي توصلوا بها إلى انتزاع الأسلوب العلمي الحديث من فوضى الماضي.
إن الكلام في هذه الأساليب سوف يستغرق الشطر الأعظم من عنايتنا، على أننا سنقصر القول الآن على أن الغرض الذي ترمي إليه المباحث العلمية هو إطلاق حرية الباحث في اختيار أي من الأساليب العلمية التي تلذ له؛ فإن الباحث العلمي البحت لا يعرف إلى أية نهاية سوف تقوده خطواته. إنه يكتفي بأن يكون على علم بما بين يديه.
إن العلم الحديث يحدد الأسلوب ويكتشف الوسيلة، ولكنه لا يعين الغرض ولا النهاية. إنه قائم على علم العدد والاستنتاج. وعلى الجملة قائم على الأساليب الرياضية. وتقدم العلم موقوف على إدخال أسلوب التفكير الرياضي في الموضوعات التي تلوح على ظاهرها بعيدة عن علم الرياضة، كما أنه مشروط على انتشار الأساليب الرياضية ، وتنمية القوة المصورة، ولديك اصطلاحان: «تام»
Exact
و«يقيني»
، فإنهما يتخذان في لغات القارة واللغة الإنكليزية على الأخص؛ ليدلا على تلك الأساليب وعلى طريقة تطبيقها.
ولقد يظهر لأي من أولئك الذين لم يعنوا أنفسهم بالاشتراك في الإنتاج العلمي، أن الباحث باتباعه أسلوبا محدودا غير قابل للتحوير إلا في مفصلاته دون طبيعته، أو بالجنوح إلى نواح من البحث تسوق إلى شعب من المعرفة، إن كانت محدودة بينة، إلا أنها تذهب في تشعبها إلى لا نهاية ولا آخر، يفقد يوما بعد يوم تلك الفكرات العليا في العلم، ويعدم صفة التركز والتكثف العلمي، وعلى الجملة يخسر كل النزعات المثالية التي توحد المعرفة: تلك الأشياء التي يلوح أن تفوق المعرفة وتقدمها موقوفان عليها.
هذا أمر محتوم أن يطرأ على فكر كل من عكف على الآراء والأساليب العتيقة،
6
أما اليوم، في عهد الرقي الحديث، فإن وحدة المعرفة، ونظامها وألفتها، وكمالها وتناسق صورها الظاهرة، والحقيقة والجمال، ليست بأشياء تقع في سبيل الباحث العلمي ليتخذها قواعد مباشرة لبحثه، وليس لها في نظره من قيمة أكثر من قيمة تلك الأسرار الخفية السحرية التي كانت تنسبها بعض مدارس الفلسفة للأعداد.
Page inconnue