Théorie de la connaissance et la position naturelle de l'homme
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
Genres
في هذا المجال) والحلم لا ينتج عن طبيعة التمثلات التي تتعلق بالأشياء - إذ إن هذه التمثلات واحدة في الحالتين - وإنما عن ترابطها تبعا للقواعد التي تحدد ارتباط التمثلات في تصور الموضوع، وبقدر ما يمكن اقتران هذه التمثلات أو عدم اقترانها في تجربة.»
8
وهكذا تعد المثالية النقدية عند كانت تقدما على مثالية باركلي الأقرب إلى السذاجة، إذ إن كانت على الأقل أكثر شعورا بما يمكن أن تؤدي إليه المثالية - في إنكارها وجود الموضوع الخارجي - من عجز عن التفرقة بين عالم اليقظة وعالم الأحلام.
ولا يستطيع المرء إلا أن يعترف مع كانت بأن كثيرا من الأحلام تفتقر إلى الارتباط العلي الذي تتميز به حياة اليقظة، ولكن هذا الرأي - كما لاحظ شوبنهور - يحتاج إلى إيضاح، فكثير من الأحلام تتميز بالتماسك الداخلي وبالارتباط العلي بين حوادثها المفردة،
9
فالافتقار إلى العلية إذن ليس صفة كامنة في الحلم ذاته، يتميز بها عن حياة اليقظة، وإنما هو صفة «للعلاقة» بين حياة اليقظة والأحلام، ولكن يلاحظ من جهة أخرى أن تطبيق هذا المعيار يحتاج إلى انتباه ودقة قلما تتوافر في تجربة الإنسان المعتادة، فقد أتذكر مثلا أنني رأيت صديقي في مكان ما منذ مدة ما، ونظرا إلى غموض هذا التذكر، فقد يداخلني الشك فيما إذا كنت رأيته بالفعل أم حلمت بأنني رأيته، ولكي أطبق معيار كانت، فعلي أن أبحث عن سلسلة الحوادث المرتبطة برؤية صديقي في ذلك الحين حتى أصل حلقة حلقة إلى حادث أجربه في اللحظة الحالية، وهو أمر يكاد في كثير من الأحيان يكون مستحيلا.
ومن جهة أخرى، فإذا كان في حياة اليقظة اتصال، وفي داخل الحلم أيضا اتصال، فكيف نميز بينهما على أساس موضوعي؟ إن التمييز الموضوعي محال في رأي شوبنهور؛ إذ إننا «إذا اتخذنا موقفا في الحكم خارجا عن كليهما، فلن نجد فارقا مميزا في طبيعتهما، وسنضطر إلى التسليم مع الشعراء بأن الحياة حلم طويل.»
10
وربما رد قائل على ذلك بأننا لا نستطيع اتخاذ موقف في الحكم خارج عن الاثنين، إذ إننا دائما مندمجون في إحدى الحالتين، فإما حلم وإما يقظة، وهنا تعود المشكلة كما كانت منذ البداية؛ إذ يرتد السؤال الأصلي: كيف نثق من أننا في هذه الحالة ولسنا في تلك؟ وما المعيار القاطع للتمييز؟
هكذا يبدو أن المعيار الذي أتى به كانت قد أخفق، وهنا لا يجد الفيلسوف المثالي مفرا من الاعتراف بعجزه عن إيجاد تفرقة قاطعة بين المجالين؛ ذلك لأنه ينكر من جهة أن تكون الإدراكات ناتجة عن موضوع خارجي مستقل عن الذات، ومن جهة أخرى يضطر إلى الاعتراف بالأمر الواقع، وهو أن الأحلام بدورها ليس لها مصدر خارجي.
Page inconnue