أين الفضيلة:
قرأت في بعض الروايات أن فتى قضى حقبة من دهره مولعًا بحب فتاة خيالية لم يرها مرة واحدة في حياته، وإنما تخيل في ذهنه صورة ألفها من شتى المحاسن ومتفرقاتها في صور البشر، فلما استقرت في مخيلته تجسمت في عينيه فرآها فأحبها حبا ملك عليه قلبَه، وحال بينه وبين نفسه وذهب به كل مذهب، فأنشأ يفتش عنها بين سمع الأرض وبصرها أعوامًا طوالًا حتى وجدها.
لا أستطيع أن أكذب هذه القصة لأني أنا ذلك الفتى بعينه لا فرق بيني وبينه إلا أنه يسمي ضالته الفتاة، وأسميها الفضيلة وأنه فتش عنها فوجدها، وفتشت عنها حتى عييت بأمرها فما وجدت إليها سبيلًا.
فتشت عن الفضيلة في حوانيت التجار، فرأيت التاجر لصًّا في أثواب بائع، وجدته يبيعني بدينارين ما ثمنه دينار واحد، فعلمت أنه سارق للدينار الثاني، ولو وكل إلي أمر القضاء ما هان على أن أعاقب لصوص الدراهم، وأغفل لصوص الدنانير
1 / 70