ساعة معينة، ثم علم أن على يمين الطريق التي يسلكها روضة تعتنق أغصانها، وتشتجر أفنانها، وأن على يساره غابا تزأر أسوده، وتعوي ذئابه، وتفح أفاعيه وصلاله، فمضى قدما لا يلتفت يمنة مخافة أن يلهو عن غايته بشهوات سمعه وبصره، ولا يسرة مخافة أن يهيج بنظراته فضول تلك السباع المقعية، والصلال الناشرة، فتعترض دون طريقه: وأما عامتهم فهم بين ذكي قد وهبه الله من سلامة الفطرة، وصفاء القلب، ولين الوجدان، ما يعده لاستماع القول واتباع أحسنه، فأنا أحمد الله في أمره، وضعيف قد حيل بينه وبين نفسه فهو لا يرضى إلا عما يعجبه، ولا يسمع إلا ما يطربه، فأكل أمره إلى الله، وأستلهمه صواب الرأي فيه، حتى يجعل الله له من بعد عسرا يسرا،
مصطفى لطفي المنفلوطي
1 / 50