مغبرة بين الصخور والأحجار، وشقاء قيس لبنى بلبناه بعد أن طلقها برَّا بوالده، ونزولا على حكمه، وذهاب الحب به بعد ذلك كل مذهب، حتى هلك بين الوفاء للفضيلة والوفاء للحب، وموقف جميل بن معمر بين يدي أبيه، وهو يعتب عليه أشد العتب، وأمره في استهتاره بحب بثينة ومخاطرته بنفسه في الألمام بحبها فيقول: يا أبت هل رأيت قبلي أحد أقدر أن يدفع عن قلبه هواه أو ملك أن يسلى نفسه أو استطاع أن يدفع ما قُضي به عليه، والله لو قدرت أن أمحود ذكرها من قلبي أو أزيل شخصها من عيني لفعلت، ولكن لا سبيل إلى ذلك، وإنما هو بلاء بيت به لحين قد أتيح لي، وأنا أمتنع من طروق هذا الحي والإلمام به، ولو مت كمدا وهذا جهدي ومبلغ ما أقدر عليه، وبكاء النبي ﷺ عند ما سمع قيس بن عاصم يحدث عن نفسه أنه كان يئد بناته في الجاهلية، وأن واحدة منهن ولدتها أمها، وهو في سفر فدفعتها إلى أخوالها ضنا بها على الموت واشفاقا عليها، فلما عاد وسألها عن الحمل، قالت له: إنها ولدت مولودا ميتا، ثم مضت على ذلك سنون عدة حتى كبرت البنت، ويفعت فزارت أمها ذات يوم فرآها عندها، فأعجب بجمالها وعقلها وذكائها، وسألها عنها فحدثته حديثها على وجهه، ولم يكتمه شيئا منه طعما في أن يضمها إليه ويمنحها رحمته وعطفه
1 / 18