150

Les Regards

النظرات

Maison d'édition

دار الآفاق الجديدة

Numéro d'édition

الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ

Année de publication

١٩٨٢م

وأسلمت رأسي إلى يدي وأنشأت أفكر في أمر هذه الهرة وأعجبت لشأنها وأقول: ليت شعري هل تفهم الهرة معنى الحرية، فهي تحزن لفقدانها وتفرح بلقياها، أجل؛ إنها تفهم معنى الحرية حق الفهم، وما كان حزنها وبكاؤها وإمساكها عن الطعام والشراب إلا من أجلها، وما كان تضرعها ورجاؤها وتمسحها وإلحاحها إلا سعيا وراء بلوغها.
وهنا ذكرت أن كثيرا من أسرى الاستبداد من بني الإنسان لا يشعرون بما تشعر به الهرة المحبوسة في الغرفة، والوحش المعتقل في القفص والطير المقصص الجناح من ألم الأسر وشقائه، بل ربما كان بينهم من لا يفكر في وجه الخلاص، أو يلتمس السبيل إلى النجاة مما هو فيه، بل ربما كان بينهم من يتمنى البقاء في هذا السجن ويأنس به ويتلذذ بالآمه وأسقامه.
من أصعب المسائل التي يحار العقل البشري في حلها أن يكون الحيوان الأعجم أوسع ميدانا في الحرية من الحيوان الناطق، فهل كان نطقه شؤما عليه وعلى سعادته، وهل يجمل به أن يتمنى الخرس والبله ليكون سعيدا بحريته كما كان سعيدا بها قبل أن يصبح ذكيا ناطقا.
يحلق الطير في الجو، ويسبح السمك في البحر، ويهيم الوحش

1 / 146