العبدوسي، والإمام الشهير محمد الأبلي، وقرأ كثيرًا على الإمام شريف العلماء أبي عبد اللَّه الشريف التلمساني، ثم انتقل بعد وفاته للمدرسة التاشفينية فقرأ بها على العلامة خاتمة قضاة العدل بتلمسان سعيد العقباني ثم لبوبته المعروفة.
وما زال مقبلًا على العلم والعبادة والاجتهاد في الجاهدة، آخذًا بالغاية القصوى، وَرَعًا وزُهْدًا وإيثارًا، مثابرًا على البر، متّبعًا طريق السلف، أحبّ الناس لمذاكرة العلم، لا يسمع بكبير في علم أو منفرد بفن إلا اجتمع به وذاكره، أعلم أهل وقته بالسير وأخبار السلف والصالحين والعلماء كافة من متقدمين ومتأخرين، كفاه اللَّه ما أهمه كما ضمن لمن انقطع لخدمته، وله كرامات كثيرة.
وحدثني كبير أصحابه الشيخ أبو عبد اللَّه بن جميل أنه عرض له شيء منعه من اتباع المشهور في مسألة واضطر لفعله، فبحث حتى وجد جوازه لابن حبيب وأصبغ فقلدهما، قال: ثم مضيت لزيارة أمي وسقط عليّ حجر آلمني شديدًا واعتقدت أنه عقوبتي لمخالفة المشهور وتقليد غيره، وما علم بذلك أحد ثم زرت الشيخ وأنا متألم فقال لي: ما لك يا فلان؟ قلت له ذنوبي، فقال لي فورًا: أما من قلد أصبغ وابن حبيب فلا ذنوب عليه، وهذا من أكبر الكرامات.
وحدثني بعض صالحي أصحابه قال: كنت جالسًا معه في بيته ليس معنا أحد وهو يقرأ القرآن ويشير بقضيب في يده إلى محل الوقف ضاربًا، على عادة أشياخ التجويد، فقلت في نفسي: لِمَ يفعل هذا؟ أتراه يقرأ عليه أحد من الجن؟ فما تم المخاطر حتى قال لي: يا محمد كان بعض الشيوخ يجود عليه الجن القرآن، وذكر لي عن غير واحد ممن يُهدي طعامًا من لبن أو غيره وربما رده عليهم، فيتفقدون أنفسهم فيجدون موجب الرد من شبهة من ضجر أهل البيت أو غيره.
وحدثني غير واحد أنه كان خارج البلد في وقت لا يدرك الباب عادة إلا وقد غلقت، ثم يرونه في البلد- اهـ.
1 / 55