بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
الحمد للَّه المنفرد (١) بالبقاء، الحاكم على سواه بالفناء، المختص بالإحاطة والإحصاء. والصلاة والسلام على سيدنا محمد المرسل بالحنيفية الغراء، وعلى آله وصحبه أنجم الاقتداء، وبدور الاهتداء، وحافظي الشريعة بعدهم مصابيح الاقتداء، ما كرّ ظلام بالليل، وبالنهار ضياء.
وبعد. . .
فيقول الفقير لرحمة ربه القدير، أحمد بن أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد أقيت عرف ببابا التكروري ثم التنبكتي المالكي -وفقه اللَّه لرضاه، وأناله حلاوة تقواه-:
لما كان علم التاريخ ومعرفة الأئمة من علماء الملة، من الأمور العلية، يعتني به كل ذي همة زكية، إذ هم نقلة الدين وحملة الشريعة المحمدية، وبه يتميز الصالح من الطالح، والمسخوط من المقبول، ويعرف ذو العدل منهم ومن هو مجهول، فيعطي كل ذي حق حقه، كما ورد به أمر من الرسول، اعتنى الأئمة قديمًا وحديثًا بالوضع فيها على أنحاء متفاوتة، وأضرب متباينة، فبعضهم عرف المحدِّثين والرواة جرحًا وعدالة، وبعضهم عرف أهل الفقه ومن لهم فيه مقالة، أو انتسب إلى حملته وانتحى له، وكان ممن سعى في ذلك من أهل مذهبنا المالكية سعيًا حثيثًا، وجمع فيه ما تفرق عند غيره قديمًا
_________
(١) (ح) و(و): الذي انفرد وقضى على خلقه بالفناء.
1 / 27