في نوادر الملك كسرى
الرشيد وعنبر المغني
قال إسحاق الموصلي: حضرت مسامرة الرشيد ليلة عنبر المغني، وكان فصيحا متأدبا، وكان مع ذلك يملي الشعر بصوت حسن؛ فتذاكروا رقة شعر المدنيين؛ فأنشد بعض جلسائه أبياتا لأحد الشعراء؛ حيث يقول:
واذكر أيام الحمى ثم انثني
على كبد من خشية أن تصدعا
وليس عشيات الحمى برواجع
عليك ولكن خل عينيك تدمعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها
على الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
فأعجب الرشيد برقة الأبيات، فقال له عنبر: يا أمير المؤمنين، إن هذا الشعر مدني رقيق، قد غذي بماء العقيق، حتى رق وصفا، فصار أصفى من الهواء، ولكن إن شاء أمير المؤمنين أنشدته ما هو أرق من هذا وأحلى وأصلب وأقوى لرجل من أهل البادية. قال: فإني أشاء. قال: وأترنم به يا أمير المؤمنين؟ قال: ذلك لك. فغنى لجرير:
Page inconnue