وأفردتموني للصبابة والحزن
وعذبتموني بالصدود وإنني
لراض بما ترضونه لي من الغبن
ثم افترقا، فقالت لكعب: ما قلت لك أنك لا تفي بضمانتك، ولكن إذا كان السحر فأتني، فجاء كعب فإذا بالصياح فسأل الجارية عن الخبر، فقالت: حين خرجتما جعلت سعدى في عنقها ما خنقت به نفسها فلحقناها فخلصناها، فجلست ساعة تحادثنا وتفتكره فتقول: إنه لقاسي القلب، ثم شهقت فماتت، فلما بلغ الشاب خبر موتها ندم ثم لزم قبرها فجاءته في النوم فقالت: هلا كان هذا من قبل، فمات من وقته.
عروة بن حزام وعفراء العذرية
كان لعروة بن حزام ابنة عم من أعظم مشاهير عصرها حسنا وجمالا وأدبا وظرفا وفصاحة تدعى عفراء، فربيا معا وله من العمر أربع سنين، فكان يألفها وتألفه ويلعبان معا غالب الأحيان، فلما بلغا الحلم سأل عمه تزويجها فوعده ذلك وأخرجه إلى الشام فجاء ابن أخ له يدعى أثالة بن سعيد بن مالك فرأى عفراء خارجة من خدرها حاسرة عن وجهها ومعصميها وعليها إزار خز فوقعت من قلبه بمكانة عظيمة فخطبها من عمه فزوجه بها وعادوا إلى الشام، فلما بلغ عروة ذلك بهت لا يحر جوابا وزادت به لواعج النوى فأنشد:
وإني لتعروني لذكراك رعدة
لها بين جلدي والعظام دبيب
فما هو إلا أن أراها فجاءة
فأبهت حتى ما أكاد أجيب
Page inconnue