200

Natr al-Durr

نثر الدر

Chercheur

خالد عبد الغني محفوط

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Lieu d'édition

بيروت /لبنان

وَمَشى قوم خَلفه، فَقَالَ: عَنى خَفق نعالكم؛ فَإِنَّهَا مفْسدَة لقلوب نوكي الرِّجَال. وَقَالَ: أكبر الغي أَن تعيب رجلا بِمَا فِيك، وَأَن تؤذي جليسك بِمَا هُوَ فِيهِ عَبَثا بِهِ. وَقَالَ: اتَّقوا من تبْغضهُ قُلُوبكُمْ. وَدخل ﵇ الْمَقَابِر، فَقَالَ: " أما الْمنَازل فقد سكنت، وَالْأَمْوَال قد قسمت، والأزواج قد نكحت، فَهَذَا خير مَا عندنَا؛ فَمَا عنْدكُمْ؟ ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أذن لَهُم فِي الْكَلَام لأخبروا أَن خير الزَّاد التَّقْوَى. وخطب فَقَالَ: أما بعد فَإِن الدُّنْيَا قد أَدْبَرت وآذنت بوداع، وَإِن الْآخِرَة قد أَقبلت وأشرفت باطلاع، وَإِن الْمِضْمَار الْيَوْم وَغدا السباق. أَلا وَإِنَّكُمْ فِي أَيَّام أملٍ من وَرَائه أجلٌ؛ فَمن أخْلص فِي أَيَّام أمله قبل حُضُور أَجله نَفعه عمله، وَلَا يضرّهُ أمله، وَمن قصر فِي أَيَّام أمله قبل حُضُور أَجله فقد خسر عمله، وضره أمله. فاعملوا لله فِي الرَّغْبَة كَمَا نعملون لَهُ فِي الرهبة. أَلا وَإِنِّي لم أر كالجنة نَام طالبها، وَلم أر كالنار نَام هَارِبهَا، أَلا وَإنَّهُ من لم يَنْفَعهُ الْحق يضرّهُ الْبَاطِل، وَمن لم يستقم بِهِ الْهدى يخزيه الضلال. أَلا وَإِنَّكُمْ قد أمرْتُم بالظعن، ودللتم على الزَّاد. وَإِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم اتِّبَاع الْهوى وَطول الأمل. وَقَالَ لَهُ الأشتر: كَيفَ ود أُمِّي رالمؤمنين امْرَأَته؟ قَالَ: كالخير من امْرَأَة جباء قبَاء. قَالَ: وَهل يُرِيد الرِّجَال من النِّسَاء غير ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: لَا، حَتَّى تدفي الضجيع، وتروي الرَّضِيع.

1 / 220