Résultats de la Pensée en Grammaire par al-Suhayli
نتائج الفكر في النحو للسهيلي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Grammaire et morphologie
فصل
(في وقوع " ما " على المصدر)
قد قدمنا أن " ما " اسم مبهم يقع على جميع الأجناس، والمصدر جنس من
الأجناس، فمعنى وقوعه عليه أن يعني بها مصدرًا، ثم تصلها بفعل وفاعل.
ثم تعمل ذلك الفعل في ضمير المصدر، وهو العائد على " ما "، فيكون مفعولًا مطلقًا، تقول: أعجبني ما صنعت، أي: أعجبني الفعل الذي صنعته، كما تقول: أعجبني ما لبست أو ما أكلت، فيكون معناه الثوب الذي لبسته، أو الطعام الذي أكلته.
فكما وقعت على الثوب والطعام وغير ذلك، فكذلك وقعت على المصدر
والظرف وهى في كل هذا بمنزلة " الذي " كما تقدم.
وظن بعض النحويين أن التي يعني بها المصدر ليست بما الأولى، وإنما هي
بمنزلة " أن " مع الفعل، بتأويل المصدر.
وليس كمنا ظنوه، ألا ترى أنك لا تقول:
يعجبني ما تجلس كما تقول: يعجبني أن تجلس وأن تخرج وأن تقعد.
ولا تقول في هذا كله " ما "؟
والأصل في هذا الفصل أن " ما " لما كانت اسمًا مبهمًا، لم يصح
وقوعها إلا على جنس تختلف أنواعه، فإن كان المصدر مختلف الأنواع جاز أن تقع عليه ويعبر بها عنه، كقولك: يعجبني ما صنعت، وما عملت، وما فعلت.
وكذلك تقول: ما حكمت، لأن الحكم مختلف أنواعه، وكذلك الصنع والفعل والعمل.
فإن قلت: يعجبني ما جلست، وما انطلق زيد، كان غثا من الكلام، لخروج (ما) عن الإبهام، ووقوعها على ما لا يتنوع من المعاني، لأنه يكون التقدير حينئذ:
أعجبني الجلوس الذي جلست، والقعود الذىِ قعدت، فيكون آخر الكلام مفسرًا لأوله، رافعًا للإبهام، فلا معنى حينئذ لـ " ما ".
فأما قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا)، فلأن المعصية تختلف أنواعها.
وقوله ﷾: (بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) .
فهو كقوله: لأعاقبنك بما ضربت زيدًا، وبما شتمت عمرًا، أوقعتها على الذنب، والذنب
1 / 144