58

Nashr dans les dix lectures

النشر في القراءات العشر

Chercheur

علي محمد الضباع (المتوفى ١٣٨٠ هـ)

Maison d'édition

المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية]

وَاحِدٍ، بَلْ يَتَّفِقَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا يَقْتَضِي التَّضَادَّ.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكَالِاخْتِلَافِ فِي (الصِّرَاطَ وَعَلَيْهِمْ وَيُؤَدِّهِ وَالْقُدُسِ وَيَحْسَبُ) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لُغَاتٌ فَقَطْ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَنَحْوُ (مَالِكِ، وَمَلِكِ) فِي الْفَاتِحَةِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ وَمَلِكُهُ وَكَذَا (يُكَذِّبُونَ، وَيَكْذِبُونَ) ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا هُمُ الْمُنَافِقُونَ لِأَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَيَكْذِبُونَ فِي أَخْبَارِهِمْ وَكَذَا (كَيْفَ نُنْشِرُهَا) بِالرَّاءِ وَالزَّايِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا هِيَ الْعِظَامُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَنْشَرَهَا أَيْ: أَحْيَاهَا، وَأَنْشَزَهَا أَيْ: رَفَعَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ حَتَّى الْتَأَمَتْ فَضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَعْنَيَيْنِ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَنَحْوَ (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَكَذَا (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَرَفْعِ الْأُخْرَى وَبِكَسْرِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، وَكَذَا (لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا، وَفَتَنُوا) بِالتَّسْمِيَةِ وَالتَّجْهِيلِ، وَكَذَا قَالَ: (لَقَدْ عَلِمْتَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَكَذَلِكَ مَا قُرِئَ شَاذًّا (وَهُوَ يُطْعَمُ وَلَا يُطْعِمُ) عَكْسَ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَكَذَلِكَ (يُطْعِمُ وَلَا يُطْعِمُ) عَلَى التَّسْمِيَةِ فِيهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ لَفْظًا وَمَعْنَى وَامْتَنَعَ اجْتِمَاعُهُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّضَادُّ وَالتَّنَاقُضُ. فَأَمَّا وَجْهُ تَشْدِيدِ (كُذِّبُوا) فَالْمَعْنَى وَتَيَقَّنَ الرُّسُلُ أَنَّ قَوْمَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ، وَوَجْهُ التَّخْفِيفِ: وَتَوَهَّمَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوهُمْ بِهِ، فَالظَّنُّ فِي الْأُولَى يَقِينٌ، وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ لِلرُّسُلِ، وَالظَّنُّ فِي الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ شَكٌّ، وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ. وَأَمَّا وَجْهُ فَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ مِنْ (لَتَزُولُ) فَهُوَ أَنْ يَكُونَ (إِنْ) مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ، أَيْ: وَإِنَّ مَكْرَهُمْ كَانَ مِنَ الشِّدَّةِ بِحَيْثُ تَقْتَلِعُ مِنْهُ الْجِبَالُ الرَّاسِيَاتُ مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَفِي الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ (إِنْ) نَافِيَةٌ، أَيْ: مَا كَانَ مَكْرُهُمْ وَإِنْ تَعَاظَمَ وَتَفَاقَمَ لِيَزُولَ مِنْهُ أَمْرُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَدِينُ الْإِسْلَامِ، فَفِي الْأُولَى تَكُونُ الْجِبَالُ حَقِيقَةً وَفِي

1 / 50