Naissance des Droits de l'Homme: Un Aperçu Historique
نشأة حقوق الإنسان: لمحة تاريخية
Genres
empathy
من قبل لأنه على الرغم من أنها لم تدخل اللغة الإنجليزية إلا في القرن العشرين، فإنها تعبر بشكل أفضل عن معنى الرغبة القوية في التوحد مع الآخرين شعوريا. فعادة ما تدل الآن لفظة التعاطف على «الشفقة»، التي تحمل في فحواها معنى التفضل، وهو الشعور الذي يتنافى مع الشعور الحقيقي بالمساواة.
41
كان للفظة «التعاطف» معنى واسع للغاية في القرن الثامن عشر؛ فكان التعاطف في رأي فرانسيس هاتشسن نوعا من الحس، أي ملكة أخلاقية؛ فالتعاطف - أو المشاركة الوجدانية - الذي هو أكثر نبلا من حاسة البصر أو السمع - وهما حاستان نتشاركهما مع الحيوانات - لكنه أقل نبلا من الضمير، هو ما جعل الحياة الاجتماعية ممكنة. وبفضل قوة الطبيعة الإنسانية، التي تسبق أي منطق، كان التعاطف بمنزلة نوع من قوى الجذب الاجتماعية التي تخرج الأشخاص من أنفسهم. وضمن التعاطف أن السعادة لا يمكن تعريفها في ضوء الرضا الذاتي وحده. وخلص هاتشسن إلى أنه: «بواسطة نوع من أنواع العدوى أو التفشي، تزيد كل مباهجنا - حتى أدناها - زيادة غريبة عندما نتشاركها مع الآخرين.»
42
كرس آدم سميث - مؤلف كتاب «ثروة الأمم» (1776) وأحد تلامذة هاتشسن - أحد أعماله الأولى لقضية التعاطف؛ ففي الفصل الافتتاحي من كتابه «نظرية المشاعر الأخلاقية» (1759)، استخدم نموذج التعذيب ليصل إلى آلية عمل التعاطف. فما الذي يحملنا على التعاطف مع معاناة شخص يعذب على المخلعة؟ فحتى لو كان المعذب هو أخونا، لا يمكننا البتة أن نشعر مباشرة بما يشعر به، كل ما في وسعنا هو أن نتوحد فحسب مع معاناته بفعل الخيال الذي يجعلنا نضع أنفسنا في مكانه ونتحمل نفس الآلام؛ «كأننا نلبس جسده ونصير هو نفسه بقدر ما.» عملية التوحد الخيالي تلك - التعاطف - تسمح للمشاهد بأن يشعر بما يشعر به ضحية التعذيب، غير أن المشاهد لا يستطيع أن يصبح كائنا أخلاقيا بحق إلا عندما يخطو الخطوة التالية ويدرك أنه هو أيضا يحظى بمثل هذا التوحد الخيالي. وعندما يرى نفسه يحظى بمشاعر التعاطف من الآخرين، يستطيع أن يخلق بداخل نفسه «مراقبا محايدا» يقوم بدور البوصلة الأخلاقية. من ثم يرى سميث أن الاستقلال والتعاطف متلازمان، فالشخص المستقل وحده هو من يستطيع أن يخلق «مراقبا محايدا» بداخل نفسه، على أنه لا يمكنه أن يفعل هذا ما لم يتوحد مع الآخرين أولا، كما يوضح سميث.
43
كان للتعاطف أو الحس المرهف - وكان مصطلح الحس المرهف أكثر شيوعا بكثير في فرنسا - أصداء ثقافية واسعة على جانبي الأطلنطي في النصف الأخير من القرن الثامن عشر. قرأ توماس جيفرسون أعمال هاتشسن وسميث، مع أنه استشهد تحديدا بالروائي لورنس ستيرن معتبرا أنه يقدم «أفضل منهج للأخلاق». وفي ضوء انتشار الإشارة إلى التعاطف والحس المرهف على شاطئي الأطلنطي، لا يبدو من قبيل المصادفة أن أول رواية كتبها أمريكي، ونشرت عام 1789، كان عنوانها «قوة التعاطف». تغلغل التعاطف والحس المرهف في نسيج الأدب والرسم، بل الطب أيضا، حتى إن بعض الأطباء بدأ يساورهم القلق بشأن الإفراط فيهما؛ إذ خافوا من أنهما قد يؤديان إلى الإصابة بالمالنخوليا (وهو اضطراب ذهني حاد مصحوب بالاكتئاب والشعور بالذنب واليأس)، أو الوساوس المرضية، أو الاضطرابات العصبية الهستيرية. ورأى الأطباء أن السيدات اللاتي يتاح لهن وقت فراغ طويل (ممن يستطعن القراءة) أكثر عرضة لهذه الأمراض من غيرهن.
44
جاء التعاطف والحس المرهف في مصلحة كثير من المجموعات المحرومة من الحقوق، ولكن ليس النساء. واستفادة من نجاح الرواية في إبراز أشكال جديدة من التوحد النفسي، شجع أنصار إلغاء الرق الأوائل الرقيق الذين أعتقوا على كتابة سيرهم الذاتية بطابع روائي، بل إضافة أجزاء من وحي خيالهم في بعض الأحيان من أجل كسب مؤيدين للحركة الناشئة. وظهرت مساوئ وشرور العبودية بوضوح عندما وصف رجال - مثل أولوداه إكويانو، الذي نشر كتابه «القصة الشائقة لحياة أولوداه إكويانو، أو الأفريقي جوستافوس فاسا، كما كتبها» لأول مرة في لندن عام 1789 - تجاربهم الشخصية مع العبودية ، ومع ذلك عجز معظم أنصار إلغاء الرق عن إدراك وجود علاقة بين حقوق الرقيق وحقوق المرأة؛ فبعد عام 1789، كان العديد من الثوار الفرنسيين يخرجون في وقفات احتجاجية عامة قوية من أجل حقوق البروتستانت، واليهود، والسود الأحرار، بل حتى العبيد، وفي الوقت نفسه يعارضون بشدة منح المرأة حقوقها. ومع أن موضوع الرق أثير على الفور وأصبح مثار جدل محتدم في الولايات المتحدة الناشئة حديثا، فإن موضوع حقوق المرأة أثار في أمريكا جدلا أقل مما أثاره في فرنسا. ولم تنعم المرأة بأي حقوق سياسية متساوية في أي مكان في العالم قبل القرن العشرين.
Page inconnue