La Naissance de la philosophie scientifique
نشأة الفلسفة العلمية
Genres
C. Huyghens ، فلم تصادف في بداية عهدها نجاحا كبيرا. وانقضى قرن كامل قبل أن تجرى بعض التجارب الحاسمة، التي أثبتت الطابع التموجي للضوء؛ وبذلك وضعت هذه التجارب حدا للتفسير الذري للأشعة الضوئية. وقد تركزت هذه التجارب حول ظاهرة «التداخل
interference » التي يوضع فيها شعاعان ضوئيان كل فوق الآخر فيمحو أحدهما الآخر، وهي نتيجة لا يمكن تصورها في نظرية جسيمية؛ ذلك لأن الجزيئين اللذين يتحركان في نفس الاتجاه لا يمكن أن ينتجا إلا تأثيرا أقوى، ويزيدا من كثافة الضوء، أما الموجتان اللتان تتحركان في اتجاه واحد، فإن كلا منهما تلغي الأخرى إذا كانت قمم إحدى الموجتين تتطابق مع سفوح الأخرى. وظاهرة التداخل معروفة في الموجات المائية، وهي تفسر النماذج العجيبة التي تنتج عن تقاطع موجات تسير في اتجاهين. ومع ذلك فقد كان معروفا أن الوسيط الذي تنتشر فيه الموجات الضوئية ليست له طبيعة المادة المألوفة، كالماء أو الهواء، وإنما كان يفترض أنه عنصر له تركيبه الخاص الذي يكاد يكون تركيبا لا ماديا، يسمى بالأثير .
وبعد الكشوف التجريبية مباشرة، استحدثت الوسائل الرياضية لتحليل الموجات، وأخيرا تم الربط بين نظرية الموجات الضوئية وبين النظرية الكهربائية في أعمال جيمس ماكسويل
James Maxwell ، وأدى الدليل التجريبي الذي قدمه هينريش هرتس
Heinrich Hertz
على وجود موجات كهربائية، إلى تبديد آخر الشكوك التي كانت تحيط بإمكان وجود الموجات الأثيرية، وأصبحت النظرية التموجية في الضوء «يقينا، بقدر ما يتسنى للبشر الكلام عن اليقين»، كما عبر عنها هينريش هرتس في خطاب ألقاه في اجتماع للجمعية الألمانية للعلماء في عام 1888م.
وقرب نهاية القرن التاسع عشر، كانت الفيزياء قد وصلت إلى مرحلة تبدو نهائية؛ فقد بدا أن التركيب النهائي للضوء والمادة، وهما أعظم مظهرين للواقع الفيزيائي، أصبح معروفا. فالضوء مركب من موجات والمادة من ذرات، وكان كل من يجرؤ على الشك في هذين الأساسين اللذين يقوم عليهما العلم الفيزيائي يعد دخيلا على العلم أو شخصا غريب الأطوار، ولم يكن أي عالم جاد يقبل أن يتجشم عناء مناقشته.
على أن النظريات الفيزيائية إنما تقدم تفسيرا للمعرفة المبنية على الملاحظة في عصرها، وهي لا تستطيع أن تدعي أنها حقائق أزلية. وقد حرص هينريش هرتس على أن يصوغ عبارة «يقين، بقدر ما يتسنى للبشر الكلام عن اليقين»، وربما لم يكن هناك تصريح لفيزيائي يعبر عن طبيعة العلم بمثل العمق الذي تعبر به عنها هذه العبارة المتواضعة. وإن التحول الذي طرأ على النظرية في العقد التالي لكلمة هرتس هذه، لدليل على الحدود التي تفرض على يقين النظريات العلمية.
فقد شهد عام 1900م ظهور كشف بلانك للكم (الكوانتم)، وكانت هذه المصادفة أوضح الأمثلة تعبيرا عن التغير الجذري الذي طرأ على فهمنا للواقع الفيزيائي في القرن العشرين. فلكي يفسر بلانك القوانين التي تم الاهتداء إليها تجريبيا بالنسبة إلى صدور الإشعاع عن الأجسام الساخنة، استحدث الفكرة القائلة إن كل إشعاع، وضمنه الضوء، يخضع لتحكم أعداد صحيحة؛ أي إنه يسير تبعا لأعداد صحيحة لوحدة أولية للطاقة، أطلق عليها اسم «الكم (الكوانتم
quantum )». فتبعا لرأيه تكون الطاقة مؤلفة من وحدات أولية، هي «الكمات
Page inconnue