في العالم العربي اليوم كاتبات يرسلن أفكارهن بلغة فصحى جميلة، ولكن هذا العالم فقير بالنساء المتمكنات من العلوم، المبتدعات الأساليب الحديثة، فما تكتبه نساؤنا يجيء خلابا إذا نحن نظرنا إلى الصورة البارزة، ولكنه يجيء فقيرا إذا نحن تقصينا الجوهر.
عالمنا العربي فقير بالنساء المطلعات على الجديد، الواقفات على حالة العالم فنيا وسياسيا وأدبيا وعلميا، المتضلعات بالعلوم الوضعية، المتآلفات مع المدنية الحديثة بكل ما فيها من البارز المصقول والجوهر العميق؛ لهذا يشعر من يقرأ شيئا لكاتباتنا أنه يرى أفكارا شديدة الشبه بأفكار الأطفال، بكل ما في الأطفال من العذوبة، والطهارة، والمعرفة الغريزية التي لم تصل إليها يد صاقلة.
وليس من ذنب على كاتباتنا إذا كن لم يزلن أطفالا؛ فنحن في أول درجة من الانقلاب الفكري، والطبيعة آية الله في حسن النظام؛ فهي لا تعطي النفوس إلا ما وسعت. •••
أما هذا الفراغ في العالم النسائي فقد ملأته مي، ولعلي لم أقم بالواجب نحو نبوغها عندما قلت: إنها أكتب كاتبة، وها أنا أرضي ضميري وأقول: إنها تحسب - بحق - بين كتاب الطبقة الأولى، وهي في نظري أكثرهم استحقاقا للأفضلية للأسباب الآتية:
أولا:
نسبة إلى سنها؛ إذ لم تقع عيني إلى اليوم على كتاب عربي يمكن أن يقاس بكتاب «باحثة البادية» كتبه رجل في سن «مي».
ثانيا:
نسبة إلى وضعية النساء الشرقيات وحالة أدمغتهن، ومن يكلف نفسه للبحث قليلا يلمس بيده هذه الحقيقة، وهي أن دماغ الرجل الشرقي سبق في التطور دماغ المرأة، فتكيف في عالم الأسفار، وعالم المدارس، وعالم المطالعة، وعالم التجارة. والدماغ المتحضر أكثر قابلية للنبوغ والإبداع من الذي لم يزل على الفطرة. وهذا حدث أولي أثبته العلم والاختبار.
وكثير على مي - وهي بنت الشرق - أن تعادل كبار الرجال علما واطلاعا ونبوغا.
أراني رجعت إلى التحفظ كأنني أحذر أن تقوم القيامة علي ... مي أكتب الكتاب عندي؛ لأنها جعلتني أقرأ كتابا كاملا بدون تثاؤب وكفى ... •••
Page inconnue