93

ولي كلام في هذه النقاط الخمس أرجئه إلى فصل ثان متمنية أن تزال هذه الحجب السوداء التي يكفنون بها الآثار.

2

إن الرأي العام في كل بلاد الله يمشي مع تيار كبير هو تيار الاقتناع؛ فالناس يسمعون فيقتنعون فيمشون. وللاقتناع شروط: أولها التكرار، فمن يسمع بإشاعة مرة قد يرتاب في تصديقها، ولكن إذا سمعها مرات متواليات تدخل إلى رأسه، وترتكز هناك مع كل الأمور المقررة، ولا تخرج إلا كما دخلت؛ أي بأدلة عديدة متكررة.

الشعب يقول: أين الآثار؟

وهذه الريبة تتردد ثم تتمدد حتى تصل إلى مسامع الوطنيين المقيمين في المهاجر، ثم تعم فلا يحجم عالم كبير مثل الدكتور صروف أن يسأل من على صفحات مجلة هي أم المجلات العربية: أين توضع الآثار؟

ثم هو يذكر - فيما يذكر - أنها أرسلت إلى باريز وكأني به يقول: «لماذا أرسلت؟»

فالعالم والعامي إذن يستويان في طلب الأدلة، فعلى من بيدهم الأمر أن يقدموها لإزالة الريبة. ونحن نرجوهم أن ينشروا بيانا يذكرون فيه كل ما وجدوه، وبيانا ثانيا يقولون فيه: لماذا أرسلت الآثار إلى باريس؟ قيل: إنها أرسلت ثم أرجعت! وحبذا لو يوضحون لنا الداعي إلى هذه المناورة؛ فالشعب كما قلنا: يريد الدليل.

يقول الأثريون الفرنسيون: إن الحكومة التركية لم تمض بعد معاهدة الصلح، وأن مسألة الحفريات لا تزال خاضعة للقوانين التركية، ويقولون: إن الحكومة اللبنانية لا تعطي غرشا واحدا لأجل الحفريات، وأن المفوضية قد دفعت إلى الآن كل النفقات فبلغت عشرات الألوف من الليرات، ويقولون: إن كل إلحاحهم لدى الحكومة الوطنية في طلب بناية تجعل متحفا قد ذهب عبثا.

أما مسألة الصلح مع تركيا فلا نهتدي إلى وجهة المنطق فيها. الصلح لم يعقد؟ إن عدم عقده لم يؤخرنا عن التطور المتتابع في شكل الحكومة التي تكاد أن تكون كلها في يد الوطنيين. نحن لا ننكر وجود القيود ... ولكننا قد خطونا خطوة كبرى إلى الأمام رغم كل الكبوات وكل الهفوات؛ فلماذا تسري الأنظمة الجديدة على كل شيء وتبقى إدارة الحفريات - وحدها - خاضعة للقانون التركي؟

أما مسألة النفقات التي صرفت من خزينة المفوضية إلى اليوم، فهذه نضيفها إلى حسنات الحكومة الإفرنسية في هذه البلاد التي منذ القديم تصرف بدون حساب على نشر المعارف، ونغتنم هذه السانحة لنقر مرة أخرى بهذا الجميل ونقول: إن شعبنا لا ينسى المعروف.

Page inconnue