هذه شعوب تقدر أن تقول: نريد، بحكم الله وأوامره، والعمران وشرائعه، والتاريخ وآياته التي لا تقبل الرد والتحوير.
وخفت أن يفسر سامعي هذه الكلمات على غير معناها، فقلت له: استقلالنا أعطي لنا بحكم ظروف فاقت التصور؛ فالظروف الطارئة شيء والتطور الطبيعي شيء آخر، على أنه لو أعطي أو لم يعط؛ فليشتغل كل منا لأجل هذا التطور.
قال: عهدتك تفكرين ضمن دائرة التدريس والتهذيب، فما بالك ...؟
فقاطعته وقلت: أنا كارهة السياسة وأوحالها، ولكن هذه ليست سياسة يا أخي، هذا درس في الأخلاق.
قولوا لها لتقول لهم
هي: اللجنة بالطبع؛ لجنة الاستفتاء الأميركية.
وهم: زعماء السياسة.
قولوا لها كلبنانيين وبيروتيين، كشاميين وحلبيين، كعراقيين وحجازيين، كأناضوليين وفلسطينيين، قولوا لها ما تشاءون.
اطلبوا بلسانها، كمسلمين ونصارى، كدروز ونصيرية، كشيعيين وسنيين، كروم وموارنة وكاثوليك وسريان وأرمن وبروتستانت، إلى آخر ما ابتلي به هذا الشرق من الطوائف، اطلبوا بلسانها الدولة أو الدول التي تريدون ولكن كشرقيين، قولوا لها لتقول لهم: إن هذا الشعب الضعيف الذي عليه تموهون، إن هذا الشعب الضعيف اليوم سيقوى غدا بفضل النفخة التي تنفخون، والأموال التي تنفقون، والدسائس التي تخلقون، والأحزاب التي توجدون! نعم، إن أحفاد هذا الشعب سيطالبونكم بالمبادئ الخلابة التي تسنون!
قولوا لها لتقول لهم: إن أبناء الشرق سيطلبون في المستقبل - القادم عليكم بالخير - سيطلبون الحق صريحا، والسياسة صريحة، والقوة صريحة ... وإن هذه الألاعيب التي يتلهون بها هناك منذ عشرات السنين ربما تدهش في المستقبل زنوج أفريقيا. أما شبيبة هذه البلاد فقد فتحت عيونها وآذانها، وهي تقرأ وتكتب، بحمد الله؛ تقرأ التاريخ وفلسفته، والسياسة وتاريخها، ومنعطفاتها ودهاليزها، وسراديبها ولوالبها ...
Page inconnue