ثم ان سوابق هؤلاء في الاسلام ونصحهم لله ورسوله وفقههم في الدين وحسن بلائهم في الجهاد مع نبي الله وشهادته لهم بالجنة تدل دلالة قوية على سلامة مقصدهم واشتباه الامر عليهم حتى إذا أتضح رجعوا إليه وتابوا واستغفروا والله غفور رحيم وليس كذلك معاوية وأعوانه في صفين وغيرها فأنهم خرجوا أشرا وبطرا وطعما في الدنيا وفيما لاحق لهم فيه من الخلافة متسترين بالطلب بدم عثمان على ان سوابقهم في الاسلام سوابق سوء تشهد بها الاخبار والسيرومع ذلك فقد أصروا على بغيهم وعنادهم وحينئذ فلا يلزم الزبير وطلحة وعائشة ما يلزم معاوية مما جوزه أهل الحق من لعنه ووجوب بغضه لاجعلنا الله من انصاره ولا من المشوهين وجه الدين بالمغالطة في شأنه آمين. ولعلك تقول متجاسرا كما ان طلحة والزبير وعائشة رضوان الله عليهم مجتهدون في اعمالهم ولهم أجر من اجتهد فأخطأ فكذلك معاوية فنقول: هذه مقالة قد سبقك بها كثير من انصاره وقد نفخت بها ابواق ودقت بها طبول ولكن الحق فيها ابلج واضح اما كونه من أهل الاجتهاد فمسلم لان له من الذكاء والدهاء والحذق والعلم بالعربية واساليب الكلام مالا يدانيه فيه كثير من المجتهدين ولكنه مجتهد عرف ان الحق من كل الوجوه مع علي عليه السلام ثم خالفه عنادا وبغيا وحبا للجاه والمال ولو كان خروجه لرسيس من شبهة أو وميض من طلب حق لما أصر على بغيه بعد قتل عمارو لرجع كمن رجعوا. وان مما يقرب من المستحيل ان يؤديه ذكاؤه الخارق ودهاؤه العظيم وحذقه الثاقب إلى أعتقاد انه احق شئ من الامر من علي كرم الله وجهه وممن مع علي من المهاجرين ذوي السوابق الحسنة كيف وقد اجمع على تخطئته فيما فعل الخاص والعام من المسلمين اللهم الا نفرا استغواهم هو
--- [ 52 ]
Page 51