Du Transfert à la Création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genres
وأحيانا يوضع اللفظ المعرب أولا ثم المترجم ثانيا مثل قاطوغورياس وهو علم المقولات، الحامل والمحمول، الجوهر والعرض مع إفاضة في الشرح وضرب الأمثلة. ومثل باريارمانياس ومعناه علم التفسير، وأنالوطيقا الأولى ومعناه العكس من الرأس، وأنالوطيقا الثانية وهو المخصص باسم أفوذقطيقا ومعناه الإيضاح، وطوبيقا ومعناه المواضع أي مواضع القول، وسوفسطيقا ومعناه المنسوب إلى السوفسطائيين ومعنى السوفسطائي المتحكم، وريطوريقا ومعناه البلاغي، وبوييطيقا ومعناه الشعري. بل ما زالت الأسماء قلقة في تعريبها مثل نيقوماخوس ورسم اسمه نيقوماخس.
3
وما زال العرض ينقصه الاتساق. يبدأ بالإجابة على السؤال إحصاء كتب المنطق والطبيعيات والأخلاقيات والرياضيات ثم يبين اشتراكها جميعا في موضوع الجوهر ثم يبين امتياز البرهان القرآني وإعجازه في الرد على منكري حشر الأجساد والخلق بقياس الأولى، وبيان بلاغه حجة القرآن لغويا، ثم العودة إلى الرياضيات وأهميتها لإذكاء العلم الإنساني والإلهي في آن واحد، ثم عود إلى موضوع الكتب المنطقية والطبيعية وما بعد الطبيعة والنفسية والأخلاقية والسياسية مما يدل على التكرار.
ويبدأ المتعلم بالرياضيات بالرغم من بداية الكندي بعرض المنطقيات ثم الطبيعيات. وتشمل الرياضيات: العدد والهندسة أو المساحة والتنجيم والتأليف وهي شرط معرفة باقي كتب أرسطو على نحو برهاني وليس مجرد حفظها وروايتها. العدد والتأليف صناعتان للكمية، والهندسة والتنجيم صناعة الكيفية. وعلم العدد أول العلوم الرياضية وأساسها. يبحث في الكمية المفردة أي المنفصلة قياسا للأجزاء بعضها على البعض الآخر. وهو أساس باقي العلوم ومتقدم عليها؛ فإن لم يكن عدد لا يكون تأليف أو مساحة أو تنجيم. وعلم التأليف إيجاد نسبة عدد إلى عدد، وقرنه إليه، ومعرفة المؤتلف والمختلف، وإضافة الكمية بعضها إلى بعض. وهو يتألف من عدد ومساحة وتنجيم. وأظهر ما يكون في الأصوات وتركيب الكل والأنفس الإنسانية والهندسة علم الكيفية الثانية وهو علم المساحة العظيمة. وعلم التنجيم وهو علم الفلك، علم الكيفية المتحركة، علم هيئة الكل، وعدد أجسامه الكليات، وحركتها وكمية حركاتها، وما يعرض في ذلك من نوعه، علم هيئة الكل في الشكل والحركة بأزمانها من أجرام العالم التي لها الكون والفساد حتى يدثرها مبدعها إن شاء كما أبدعها. وهو مركب من عدد ومساحة. هذه العلوم الرياضية الأربعة هي شرط التفلسف، ومن عدمها عدم الفلسفة والعلم الإلهي معا لأنها أيضا علم الجوهر الذي لا يزول. فمن أراد تعلم الفلسفة يبدأ بالرياضيات والمنطقيات والطبيعيات وما فوق الطبيعيات ثم الأخلاقيات وسياسة النفس بالأخلاق المحمودة، وغير ذلك من العلوم مركب منها. ولكل علم مراتبه.
4
فكتب أرسطو أربعة أنواع بعد تعلم الرياضيات: المنطقيات، والطبيعيات، والثالث ما كان مستغنيا عن الطبيعيات، قائما بذاته، غير محتاج إلى الأجسام ومع ذلك يوجد مع الأجسام مواصلا لها وهي النفس وظواهرها أي الطبيعيات الصغرى، والرابع ما لا يحتاج إلى الأجسام ولا يواصلها ألبتة وهو علم ما بعد الطبيعة. وهو ما سماه ابن سينا بعد ذلك أن الموجودات قبل الكثرة، ومع الكثرة، وبعد الكثرة. الأولى المنطق، والثانية الطبيعيات، والثالثة الرياضيات. والمنطقيات ثمانية: الأول المقولات والثاني التفسير بعد أن استقر بعد ذلك إلى العبارة، والثالث العكس من الرأس وقد استقر بعد ذلك إلى التحليلات الأولى أو القياس، والرابع الإيضاح وقد استقر بعد ذلك في البرهان، والخامس المواضع والذي أصبح بعد ذلك الجدل، والسادس السفسطة، والسابع البلاغة أي الخطابة، والثامن الشعر. والطبيعيات سبعة: الخبر الطبيعي أي سمع الكيان، والثاني السماء وهو السماء والعالم، والثالث الكون والفساد، والرابع أحداث الجو والأرض الموسوم العلوي وبالقول على النهايات أي التي تتلاطم وهو «الآثار العلوية»، والخامس المعادن، والسادس النبات، والسابع الحيوان والطبيعيات الصغرى أربعة: النفس، والحس، والمحسوس، والنوم، واليقظة، وطول العمر وقصره. وما بعد الطبيعيات كتاب واحد.
وتلحق كتب الأخلاق بالنفس، ومنها الكتاب الكبير «الأخلاق إلى نيقوماخوس»، وهو أحد عشر قولا، والثاني الأخلاق الصغير أقل حجما. وله أيضا عديد من الرسائل والكتب الصغيرة في موضوعات جزئية.
ثم يتحول الكندي من إحصاء الكتب إلى عرض موضوعاتها. وأولها الجوهر ومحمولاته وهو موضوع كتاب المقولات. وهو أيضا موضوع طبيعي في السماع الطبيعي. وهو أيضا موضوع ما بعد الطبيعة، الجوهر الأزلي؛ فالجوهر موضوع للعلوم الثلاثة. الجوهر والمحمول أي الموضوع والمحمول في المنطق، والجوهر والمقولات التسع في العلم الطبيعي، الكم والكيف، الطينة أي المادة والصورة، والمضاف هو الموجود مع لا طينة، والمكان والزمان تركيب جوهر مع كم، والفعل والانفعال تركيب جوهر مع كيف، والملك تركيب جوهر مع جوهر. والجوهر الثابت هو الجوهر الأول الخالي من الأعراض، موضوع العلم الثابت الحق وهو الفلسفة، وهو موضوع العلم الإلهي الذي يأتي البشر دون تكلف أو طلب أو حيلة مثل علم الرسل. وهنا ينتهي عرض الوافد اليوناني ليبدأ عرض الموروث الإسلامي بعد تعشيق الأول في الثاني، الجوهر الأول في الله جل وعلا، والفلسفة في الوحي، وعلم البشر بعلم الرسل صلوات الله عليهم بلا طلب ولا تكلف بحث ولا بحيلة رياضية أو منطق بل بإرادة الله جل وتعالى بتطهير أنفسهم وإنارتها للحق وتأييده وتسديده وإلهامه ورسالاته. لهم آيات فاصلة لهم عن غيرهم من البشر من علم الجواهر الخفية. ثم تيقن العقول أن ذلك من عند الله جل وتعالى يخضع له البشر بالطاعة والانقياد، فيضطر إلى التصديق بما تأتي به الرسل عليهم السلام. مثال ذلك جواب الرسل فيما سئلوا فيه عن الأمور الخفية التي لا يستطيع الفيلسوف أن يجيب عليها إلا بعد طول جهد وعناء البحث والتروض، وبأسلوب موجز وبين، وقريب الإحاطة بالمطلوب.
5
العلم الإنساني إذن دون العلم الإلهي ولا سبيل لإحاطته بالأشياء الحقة الثابتة مع عدم الرياضيات إلا بقدر مباشرة الحس الذي يشارك فيه الحيوان غير الناطق.
Page inconnue