Du Transfert à la Création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genres
ويتوجه ابن سينا إلى تخليص المعلم الأول من براثن الشراح، ونقد من غرتهم قلة العناية والنظر وعدم استقصاء كلامه حق الاستقصاء وتوضيح المقصود من الكلام، والحديث عن الله كموجود مطلق مثل وجود المثلث تبعا لقول المعلم الأول. وقد ذكره ابن سينا دون تعديل مما يدل على أنه كذلك عنده الوجود الجزئي هو الموجود، والوجود الكلي هو الموجود على الإطلاق. ويبدو التشابه بين التوحيد العقلي الوافد الأول والتوحيد الديني الموروث نظرا لقيام كل منهما على العقل، وقيام الثاني على العقل وهو أساس النقل. كما يفترض ابن سينا أن يكون المعلم الأول قد كتب «البرهان» قبل باقي كتب المنطق؛ لأن الغرض الأفضل في البرهان وفي القياس هو الوصول إلى اليقين. والطرق البرهانية تأخذ مما هو أعرف في العقل إلى ما هو أعرف في الطبيعة على ما صرح به المعلم الأول في الطبيعيات تأكيدا لوحدة العقل والطبيعة، وهو ما يوضحه ابن سينا في «السماع الطبيعي». أما باقي الإحالات إلى المعلم الأول فإن الغرض منها الاستشهاد على صحة تحليلات ابن سينا؛ فابن سينا هو المقروء والمعلم الأول هو القارئ. ابن سينا هو الرائي للشيء والمعلم الأول هو المثبت والمؤكد لهذه الرؤية. فإن حدث عدم تطابق بين الرؤيتين يتم تأويل أقوال المعلم الأول بناء على تحليل ابن سينا. ويدخل ابن سينا في مسار فكر المعلم الأول بداية ونهاية وعودا على بدأ. ويصف أفعال الإيضاح في شعوره ومحللا تشبيهاته ومجازاته، ومقارنا بينه وبين المعلم الأول في مواطن التشابه والاختلاف مثل التمييز بين الحد التام والحد الذي هو مبدأ البرهان اختصارا على المتعلم.
31
ويحيل ابن سينا إلى أفلاطون رافضا نظرية المثل والتي يسميها الصور الأفلاطونية، الصور المعقولة المفارقة الموجودة لكل معقول حتى الطبيعيات، مجردة خارج المادة وطبيعية في المادة. وهي نظرية باطلة لأن الصور الطبيعية لا تبقى كما هي إذا ما جردت عن المادة. والصور الرياضية لا تقوم بلا مادة وإن كانت حدودها تستلزم المادة. وإبطال هذه النظرية في الفلسفة الأولى وليس في المنطق أو في أي علم آخر لأن الصور والمثل المفارقة لا تدخل في صناعة البراهين ولا في مبادئها. هناك فرق بين المنطق والميتافيزيقا. الصور الأفلاطونية جزء من الميتافيزيقا وليست جزءا من المنطق. البرهان بالمحمولات، والصور توجد في الجوهر. الأولى في الذهن والثانية في الحقيقة. كما يحيل ابن سينا إلى أفلاطون في جعل السبب في الاتحاد جذب المغناطيس والكهرباء بينما يجعله ابن سينا ضرورة الخلاء. كما يحال إلى الشكل الرابع في البرهان إلى كتاب إقليدس؛ فإقليدس هنا عمل وليس شخصا، مؤلف وليس مؤلفا. كما يحال إلى شعر هوميروش، الإلياذة، كمثال للقول المركب في الحدود؛ لأنه لا يمكن أن يسمى باسم واحد مفرد. شعر هوميروش هو المقصود وليس هوميروش كمثال في المنطق، ولو كان ابن رشد مكان ابن سينا لغيره إلى شعر عربي.
32
ويحال إلى سقراط في محاورة «مينون» لأفلاطون من أجل إثبات التعليم والتعليم ضد شك مانن في حضارة ترى أن الظن لا يغني عن الحق شيئا وأن بعض الظن إثم، وجعلت اليقين هدفا للعلم. وينقد ابن سينا أفلاطون بأنه لم يقض نهائيا على شبهة الشك عند مينون. وعادة ما يقرن سقراط بأفلاطون، الأستاذ بالتلميذ في حضارة تقدر العلاقة بين الشيخ والمريد وتجعلها طريقا للعلم. كما يؤخذ سقراط مثالا للموضوع الذي في حاجة إلى محمول. كما يؤخذ سقراط وأفلاطون باعتبارهما نوعين لهما جنس واحد هو إنسان. فالتعين سبب الفردية، والعموم سبب الكلية. سقراط متعين، وإنسان عام. وكل فرد له خاصية عامة مثل سقراط الفيلسوف والقبيادس الملك، وأخيلوس الشجاع، وآيس كبير النفس، ولوسندروس الصالح. وهي الأمثلة التي أسقطها ابن رشد فيما بعد ووضع مكانها أمثلة عربية كما هو الحال في تلخيصه الخطابة. وكلها أسماء أبطال من الأساطير اليونانية.
33
ويحيل ابن سينا إلى مجموع أجزاء «الشفاء» في المنطق خاصة في الطبيعيات عامة دون الإلهيات، أو إلى مجموع كتب المعلم الأول فلا فرق بين الاثنين، الأول تأليف في الوافد أو عرض له والثاني هو الوافد. فكل كتاب من كتب المنطق له موضوعه المستقل. وقد يحال إلى اسم الكتاب مرتين مثل الأسطقسات مرة وكتاب إقليدس مرة أخرى، وإلى الجدل مرة وإلى الحجج الجدلية مرة أخرى، وإلى القياس مرة وإلى أنالوطيقا الأولى مرة أخرى مما يدل على عدم استقرار أسماء كتب أرسطو حتى عصر ابن سينا بين التعريب والنقل وربما حتى الآن. كما يستشهد ابن سينا بإحدى محاورات أفلاطون، مينون، عن العلم والتعليم ومناقشة سقراط لمينون. كما أحال إليها من قبل في كتاب «القياس».
34
ويحال إلى «إيساغوجي» أو «المدخل» في موضوع الذاتي والمقدم في حين أنه في كتاب البرهان العلة. وقد جرت العادة باستعمال لفظ ذاتي كما ورد في إيساغوجي لا كما ورد في البرهان. ثم تأتي مقارنة الضرورة في القياس والبرهان لأن الكبرى الضرورية تكون على نحوين مختلفين في القياس وفي البرهان. والخلط بين الكتابين وارد. ويحيل ابن سينا إلى قياس الشفاء صراحة حيث لخص فيه الموضوع من قبل. كما يحيل أيضا إلى كتاب «الجدل» مما يبين وحدة موسوعة الشفاء. الجدل لا يثبت ولا ينفي حقيقة بل اعتمادا على تسليم الخصوم أو الرأي المشهور كمقدمات. الجدل لا يعطي حدا حقيقيا إنما يعطي فقط الحد حسب قانون الشهرة لا بحسب قانون الحقيقة. ويحال إلى كتاب النفس لمعرفة الفرق بين القوة والعقل بالملكة. وتظهر البيئة اليونانية في الأمثلة مثل أخذ أثينية كمثل للعلة الفاعلة.
35
Page inconnue