Du Transfert à la Création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genres
ويذكر المعلم الأول تحولا من الشخص إلى الفكرة واستشهادا به على وجه المنفعة أن للعقل النظري الحكم الكلي، وللعقل العملي الأفعال والتعقلات الجزئية. كما يضرب ابن سينا المثل بتقديم كتاب إيساغوجي وقاطيغورياس على باقي كتب المنطق. ولا يشير ابن سينا في «النجاة» إلى الوافد كثيرا على عكس الفارابي، ربما لبعده عن فترة النقل وقرب الفارابي منها، فبينهما قرن من الزمان، وربما لأن الوافد تحول إلى ثقافة شائعة ولم تعد ثقافة مغايرة يشار إليها باعتبارها مغايرة لثقافة الأنا، الموروث، وربما لاستقرار المصطلحات العربية حتى أصبحت جزءا من الاستعمال اليومي، والسبب الحقيقي هو الصمت على المصادر من أجل العرض العقلي الخالص لبنية الموضوع.
وفي «الإشارات والتنبيهات» ينقد ابن سينا فرفوريوس الذي يثني عليه المشاءون، وهو سخف وحشف كله. لا يفهمونه بل ولا يفهم المؤلف نفسه. نقده رجل من أهل زمانه دون أن يذكر ابن سينا اسمه إما تجاهلا له أو لحرصه على الموضوع لا على الشخص ونقده فرفوريوس بطريقة أسقط منه.
18
كما ينقد ابن سينا اتباع المشائين له فكيف يكون ابن سينا نفسه مشائيا مقلدا؟ ويذكر ابن سينا المعلم الأول وجالينوس وإقليدس ولم يذكر أرسطو بشخصه أو أفلوطين الشيخ اليوناني أو أفلاطون أو كليهما من أرباب الفيض والإشراق. يضبط ابن سينا الحجج المزيفة التي استحدثت بعد المعلم الأول والتي عرضها بالتفصيل في «الشفاء» مما يدل على أسبقية تدوينه على «الإشارات والتنبيهات». كما يضرب المثل بوجود جالينوس وإقليدس وغيرهم على التواتر مثل العلم بوجود مكة. ويذكر ابن سينا قصة «سلامان وأبسال» يضرب بهما المثل سلامان للإنسان وأبسال لدرجته في المعرفة ويستخدم المثل اليوناني للتعبير من خلاله عن معنى إسلامي قبل أن يصبح للمعنى الإسلامي حاملا مستقلا هو «حي بن يقطان». القصة اليونانية أداة للتعبير أولا قبل إبداع القصة الإسلامية. الوافد حامل أولا للمعنى الموروث قبل أن يتحول الحامل والمحمول إلى الموروث دون الوافد.
ويبدو التمايز بين المنطقيين واللغويين وكأن المناطقة يمثلون الوافد واللغويين يمثلون الموروث في التقابل بين المنطق واللغة في المناظرة الشهيرة بين متى بن يونس وأبي سعيد السيرافي. فالمنطق لغة اليونان واللغة منطق العرب.
19
وقد يكون الخلاف في الاسم. فما يسميه المنطقيون كلية يسميه اللغويون الاسم المفرد. والمنطق نفسه موضع نقاش. ولا يوجد علم معياري لا نقاش فيه. وهناك حجج وحجج مضادة أكثر من «الشفاء» و«النجاة». يسهو المنطقيون ويظنون وليس كل ما يقولونه يقينا. بهم متخلفون وأذكياء. وهناك معان عرفية للألفاظ، وهناك عادة جرت في المنطق مما يظهر البعد الاجتماعي في اللغة. وهناك تمايز بين المنطق وغيره من العلوم، وهناك معان قديمة وحديثة بين القدماء والمحدثين مما يظهر البعد التاريخي للغة. وما زال ابن سينا في «الإشارات والتنبيهات» يستعمل بعض المصطلحات المعربة مثل أسطقس.
20
وفي «منطق المشرقين» يحدد ابن سينا في المقدمة موقفه من اليونانيين في تقابل مع المشرقيين. وتظهر ألفاظ اليونانيون ثم المشاءون ثم المشرقيون والأولون.
21
Page inconnue