Critique du livre de l'Islam et les principes du gouvernement
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Genres
ومنها ما جاء لبيان منزلة الإمام العادل وفضله كحديث: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.» وصدرها بالإمام العادل فقال: «إمام عادل.»
60
وحديث: «إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به؛ فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه.»
61
فهذه الأحاديث الواردة في أغراض شتى وأسانيد مختلفة، وكلها تدور حول الإمام فتبين مسئوليته، وتأمر بالوفاء ببيعته وإطاعته وملازمته، وقتل من يحاول الخروج عليه، وتصف الأئمة، وتفرق بين خيارهم وشرارهم، هذه الأحاديث إذا وقعت في يد مجتهد يتبصر في حكمة أمرها ونهيها ووصفها لا يتردد في أن نصب الإمام أمر حتم، وشرع قائم، ولا يصح أن يكون هذا الحق إلا من قبيل الواجب.
فقول المؤلف: إن السنة النبوية أهملت الخلافة. جراءة يلبسها من خرج ليقطع الطريق في وجه الحقائق حتى تدرج عليه الآراء الفجة وإوضاع التي لم تزل في طور التجربة والاختبار.
وأما الإجماع فقد أريناك وجه حجيته فيما سبق، وبينا لك أنه دليل قاطع؛ لأن شواهد عدة في دلائل الشريعة جاءت في موارد شتى من الكتاب والسنة. وهذه الشواهد إن كان كل واحد منها يفيد ظنا راجحا؛ فإن مجموعها يفيد علما راسخا، ونظيره التواتر في إفادة القطع، وهو مؤلف من أخبار آحاد لا يفيد كل واحد منها بانفراده شيئا يتعدى مراتب الظنون.
وتقرير الإجماع في قضية الخلافة الذي لا يزال علماء الإسلام يلهجون به جيلا بعد جيل: أن الصحابة - رضي الله عنهم - عقب انتقال صاحب الرسالة صلوات الله عليه إلى الرفيق الأعلى، وقبل مواراة جثته الشريفة في قبره الكريم، بادروا إلى الائتمار بتعيين إمام، ولم يجر بينهم خلاف في حكم إقامته، وإنما تنازعوا في مبدأ المفاوضة شيئا قليلا في اختيار الشخص الكافي لهذا المنصب، ثم تضافروا على مبايعة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ومن تخلف عن المبايعة لم يذهب إلى الخلاف في وجوب نصب الإمام، وإنما هي الموجدة لعدم إيثاره بالإمارة، أو لإنجاز المبايعة دون حضوره وقبل أخذ رأيه في جملة المؤتمرين.
وكذلك كان شأنهم في الاهتمام بأمر الخلافة لعهد سائر الخلفاء الراشدين فمن بعدهم، ومن يتخلف عن بيعة خليفة فلعذر يرجع إلى عدم وفاقه على بيعة الشخص المعين، ولم ينقل عن أحد أنه توقف في وجوب نصب الأمير العام، أو قال: «ليس بنا من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور ديننا ولا لأمور دنيانا»، مع أن المحدثين والمؤرخين ينقلون ما يدور في المحاورة بين أهل الحل والعقد، وما يقع من وفاق وما يصدر عنهم من أقوال وآراء ليس لها أهمية إزاء القول بعدم وجوب نصب الإمام لو خطر على قلب رجل منهم.
ومن الباطل أن يقال: إنما سكتوا عن إبداء رأيهم في وجوب الخلافة رهبة من القوة المسلحة؛ فإن العصر الذي صدع فيه عبد الرحمن الأصم ونجدة بن عامر بعدم وجوب نصب الإمام لم تكن حرية الرأي ولا سعة صدر السياسة فيه بأحسن حالا من العهد الذي يقوم فيه الرجل ويجابه الخليفة بقوله: لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا. •••
Page inconnue