Critique du livre de l'Islam et les principes du gouvernement
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
Genres
وإذا حكى التاريخ أن المتوكل العباسي في الشرق، والمنصور بن أبي عامر في الغرب اضطهدا الفلسفة، فذلك شيء لا يذكر إزاء النهضة التي قام بها غيرهم من ملوك وأمراء يخرجنا عدهم وعد مآثرهم العلمية إلى إسهاب لا يسعه المقام. •••
قال المؤلف في ص30: «ذلك تأويل ما يلاحظ من قصور النهضة الإسلامية في فروع السياسة، وخلو حركة المسلمين العلمية من مباحثها.»
قد أريناك أن ملوك الإسلام كانوا يساعدون على توسيع دائرة المعارف، ويقبلون ما تنتجه العقول السليمة باحتفاء وترحاب، وقد كانت الكتب السياسية تؤلف بمرأى منهم ومسمع، وكثير منها يؤلف من أجل صاحب الدولة أو وزيره، مثل كتاب سياسة المالك في تدبير الممالك، ألفه ابن أبي الربيع للمعتصم العباسي، وكتاب نهج السلوك في سياسة الملوك، ألفه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله لصلاح الدين الأيوبي، وكتاب لطائف الأفكار وكاشف الأسرار في علم السياسة، ألفه القاضي حسين السمرقندي للوزير إبراهيم باشا، وبعض هذه الكتب يقدمه مؤلفه بنفسه إلى الملك، كما قدم ابن خلدون نسخة من مقدمة تاريخه إلى صاحب تونس أبي العباس الحفصي، ثم إلى السلطان برقوق صاحب مصر.
بل كان من رجال الدولة من يؤلف في السياسة، كما ألف القاسم أبو دلف، أحد قواد المأمون ثم المعتصم، كتاب سياسة الملوك،
47
وألف عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ولي الشرطة ببغداد رسالة في السياسة الملوكية.
48 •••
قال المؤلف في ص31: «لو وضعنا هذا الكتاب كله في بيان الضغط الملوكي الإسلامي على كل علم سياسي، وكل حركة سياسية أو نزعة سياسية لضاق هذا الكتاب وأضعافه عن استيعاب القول في ذلك، ثم لعجزنا عن بيانه على وجه كامل.»
اقتحم المؤلف في هذه العبارة شططا لا يقع فيه خبير بالتاريخ، عارف بقيمة الأمانة في العلم. طالع أيها القارئ كتب التاريخ كتابا كتابا وقلبها إن شئت صحيفة صحيفة، فلا أحسبك تعثر على مثال يشهد بأن ملكا من ملوك الإسلام غضب لكتاب ألف في السياسة، أو كره للناس أن يترجموا كتابا في السياسة، أو عنف شخصا ألف في السياسة، أو أصدر إنذارا على التأليف في السياسة.
ضغط بعض ملوك الإسلام على الفلسفة كما قصصناه عن المتوكل العباسي والمنصور بن أبي عامر؛ لاعتقاد ضررها، أو تقربا من قلوب العامة، ولا تكاد تعلم أن أحدا منهم اضطهد علم السياسة، إلا ما كان من السلطان عبد الحميد الذي انتهى به الاستبداد والضغط على حرية الفكر إلى غاية لم يسبق لها نظير. ومن ذلك الاستبداد المتناهي تعلم عبد الرحمن الكواكبي كيف يؤلف كتابي: طبائع الاستبداد وجمعية أم القرى. •••
Page inconnue