فصل في المبادئ التي يتقلدها الطبيعي ويبرهن عليها الناظر في العلم الآلهي
نقول إن الأجسام الطبيعية مركبة من مادة هي محل وصورة هي حالة فيه ونسبة المادة إلى الصورة نسبة النحاس إلى التمثال والعام لها كلها من الصور الأقطار الثلاثة إذ كل واحد من الأجسام يمكن أن تفرض فيه امتدادا أولا وامتدادا ثانيا مقاطعا له على زاوية قائمة وامتدادا ثالثا مقاطعا للامتدادين على زاوية قائمة والزاوية القائمة هي التي تحدث من تقاطع بعد قائم على بعد ليس ميله إلى إحدى الجهتين أكثر من ميله إلى الأخرى - فلهذا معنى كون الجسم ذا أقطار ثلاثة وإن كان في نفسه شيئا واحدا والأقطار التي تكون في الجسم لا تقوم في غير تلك المادة الموضوعة لها بطباعها والمادة أيضا لا تتعرى عن البعد الذي فيه نفرض هذه الأقطار وتلك المادة لا يؤخذ في حدها لا هذا البعد ولا هذه الأقطار على أنه جزء من وجودها بل هي خارجة عن ذات المادة وإن كانت حالت فيها مقارنة وليس للمادة بذاتها مقدار وقطر وإذا ليس لها ذلك بذاتها بل هي مستعدة لقبوله فلا عجب أن تكون مادة واحدة تقبل حجما فما فوقه وما دونه وتنتقل من حجم إلى حجم وهذا جائز في الوجود. وفي مادة الجسم الطبيعي صور أخر غير الصور الجسمية فلها صور مناسبة لباب الكيف ولباب الاين ولغير ذلك وإذا كان الأمر على هذا فللأجسام الطبيعية إذا أخذت على الإطلاق من المبادئ المقارنة مبدآن فقط أحدهما " المادة " والآخر " الصورة" ولواحق الأجسام الطبيعية هي الأعراض العارضة من المقولات التسع وفرق بين الصور وبين الأعراض فإن الصور تحل مادة غير متقومة الذات على طبيعة نوعها والأعراض تحل الجسم الطبيعي الذي تقوم بالمادة والصورة وحصل نوقه والأعراض بعد الحادة بالطبع والصورة قبل المادة بالعلية والمادة والصورة قبل العرض بالطبع والعلية والمبدأ المفارق للطبيعيات ليس هو سببا للطبيعيات فقط بل ولمبدأيها المذكورين وهو يستبقي المادة بالصورة ويستبقي بهما الأجسام الطبيعية فإذا هو مفارق الذات للطبيعيات فليس للطبيعي بحث عن أحواله كما لا بحث له عن كثير من أحوال المبدأين المقارنين وللأجسام الطبيعية عن المبدأ المفارق استبقاء لذواتها واستبقاء لكمالاتها وكمالاتها إما كمالات أول وهي التي إذا ارتفعت بطل ما هي له كمالات وإما كمالات ثانية لا يؤدي ارتفاعها إلى بطلان الشيء الذي هي له كمالات بل يؤدي إلى ارتفاع صلاح حالاته والمبدأ المفارق يستبقي هذه الكمالات الثانية لا
Page 82