والمطلوب جنس للمعروض له وهو غير مقوم لماهية ذلك العارض تقويم المحمولات الذاتية " والحالة الثانية " أن يكون البرهان ليس يراد به التصديق مع العلة أعني الأن واللم معا بل العلة وحدها مثل أنه إذا كنا نعلم أن الانسان جوهر ويكون الجوهر ليس له أوليا فنريد أن نعلم العلة فنقول لأنه جسم ولكن الذاتي بالمعنى الثاني هو المطلوب في المسائل البرهانية وأما في المقدمات فلا يجوز أن تتفق المقدمتان في الحمل الذاتي بحسب المعنى الأول حتى يكونا معا ذاتيتين بذلك الاعتبار وإلا كان الأكبر ذاتيا للأصغر بذلك المعنى وقد بينا أن هذا غير مطلوب إلا بالحالتين المذكورتين ويجوز أن تكون المقدمتان جميعا ذاتيتين بالمعنى الثاني ويجوز أن تكون الصغرى ذاتية بالمعنى الأول والكبرى بالمعنى الثاني وبالعكس.
فصل في الأصول التي تعلم أولا قبل البراهين
الأصول التي تعلم أولا قبل البراهين ثلاثة حدود وأوضاع ومقدمات فالحدود تفيد تصور ما لا يكون بين التصور من موضوعات الصناعة ومن عوارض الصناعة مثل أن النقطة طرف لا جزء له والخط طول لا عرض له والسطح كذا ومثل أن المثلث شكل يحيط به كذا وليست تفيد تصديقا البتة ولا فيها إيجاب ولا سلب وأما الأوضاع فهي المقدمات التي ليست بينة في نفسها ولكن المتعلم يراود على تسليمها وبيانها إما في علم آخر وإما بعد حين في ذلك العلم بعينه مثل ما نقول في أوائل الهندسة أن لنا أن نصل بين كل نقطتين بخط مستقيم ولنا أن نعمل دائرة على كل نقطة وبقدر كل بعد بل مثل أن الخطين إذا وقع عليهما خط مستقيم فكانت الزاويتان اللتان من جهة واحدة أقل من قائمتين فإن الخطين يلتقيان من تلك الجهة فما كان من الأوضاع يتسلمه المتعلم من غير أن يكون في نفسه له عناد سمي أصلا موضوعا على الاطلاق وما كان يتسلمه مسامحا وفي نفسه له عناد يسمى مصادرة.
Page 62