وانقطع الحديث ولم يجد فكري شيئا يقوله إلا: ليكن معهدا مثلا.
وقالت وهيبة: أي معهد تقصد؟ - أي معهد؟ - إذن فأنت لا تهوى دراسة معينة. أنت تريد مجرد شهادة؟ - حتى أكون مثل زملائي. - أيمكن أن يكون هذا هدفا في ذاته.
ووجد فؤاد الفرصة سانحة: فكري يا ابني أتريد حقا أن تكمل الدراسة وتذاكر؟
ووجم فكري لحظات ثم قال في لعثمة: كنت أقول أجرب. - كنت تلف علينا يا بني حتى تقول لنا بكرة إننا نحن اللذان منعناك من الجامعة أو التعليم العالي؟ - لا والله أبدا يا بابا. - لا. إذن فاسمع: أنا مستعد أن أوافق على دخولك الجامعة، بل أنا أرحب بذلك كل الترحيب، وأكثر من هذا إذا كان مجموعك لا يدخلك جامعة القاهرة فالعالم كله مفتوح أمامك، اختر أي كلية في العالم تريد أن تدرس فيها، وأنا مستعد أن أقدم كل ما تريد من أموال. - في الخارج؟
وقالت وهيبة في استنكار: في الخارج يا فؤاد؟
وقال فؤاد: في الخارج، فقط بشرط واحد.
وقال فكري: أي شرط؟ - كل المصاريف التي ستنفقها ستخصم من التركة، ما ذنب إلهام أن تكلفها أنت الألوف؟
وصمت فكري قليلا واستمر فؤاد: اسمع. أنت لا شك يتهيأ لك أنني أكسب الملايين مثل تجار اليوم لأنك تعيش عيشة مستريحة وتسمع الأرقام الخيالية عن مكاسب التجار، ولكن الأمر بالنسبة لي مختلف كل الاختلاف، أنا أتاجر بشرف، ولم أدخل في عملية واحدة خارج عمليات القماش التي أعرفها، فأنا أكسب والحمد لله، ولكن المكسب الطبيعي، وأنت منذ الآن تستطيع أن تطلع على حساباتي. - حضرتك غلطان. - أترى هذا؟ - كل التجار اليوم يعملون في كل ميادين التجارة. - مجانين والمستقبل أمامهم مظلم وبكرة أفكرك. - الحقيقة يا أبي أنك شريف أكثر من اللازم. - الحقيقة أنه ليس هناك شريف أكثر من اللازم وشريف أقل من اللازم، هناك شريف وغير شريف. - تعرف رفعت الفنجري أبو حمدي؟ - نعم أعرف ماذا ستقول، بل إن مصر كلها تعرفه، إعلاناته تملأ التليفزيون، وأصبح له أربعة محلات موبيليا، أنا لا أستطيع أن أحكم على طريقة تجارته، ولكن يجب أن نعترف أنه لم يترك مهنته الأصلية. - نعم هذا صحيح. - وبالمناسبة أين حمدي الآن؟ - يعمل مع أبيه.
وتسأل وهيبة: هل نال شهادة؟
ويقول فؤاد دون أن ينتظر إجابة ابنه: لم يأخذ الإعدادية.
Page inconnue