أأعمل مع الخواجة لمبو؟ هل اسمه لمبو؟ أظن لا. لا تفرق، وأين أجد المتعة التي أجدها هنا وأنا أبيع الكازوزة لركاب القطارات؟ أين في العالم فرجة مثل هذه الفرجة؟ أنا قاعد مستريح والعالم يمر علي كله في القطارات وفي الزبائن.
أنا واحد من معالم هذا المكان، الزبائن لا يعرفون المعلم فرج قدر ما يعرفونني، بل ركاب القطار المنتظمون لا ينادون المعلم فرج في غدوهم ورواحهم، وإنما ينادونني.
أين سأجد حرية مثل حريتي هذه التي أنعم بها، أصنع ما يحلو لي والكل يحبني وأنا أحب الجميع، موظفو المحطة لا يحلو لهم طلب لا أقدمه إليهم، وأعيان البلدة جميعا يسعون إلى مقهانا هذا ينفحونني نفحات طيبة، ومرزوق والحمد لله، ما الذي يجعلني أترك هذا جميعه للخواجة لا أدري اسمه هذا، لمبو. لا لمبرو؟ ما شأني أنا به؟ وماذا سأصنع معه؟
ولكن المسألة ليست بسيطة، البنت نعمات قالت كلاما معقولا، الزواج محتاج إلى مصاريف وأنا - والحمد لله - ما يجيء يذهب ولا يبقى شيء لأقيم به بيتا ولا حتى عشة، ولنفرض أن نعمات عملت في أحد بيوت البلد، ألا تحتاج هي الأخرى إلى ملبس ومصاريف.
وفي الزقازيق ستقيم هي عند عثمان بك وأنا سأقيم عند الخواجة، وقد قال إنه سيترك لي غرفة أستقبل فيها عروسي في الإجازة، وقال أيضا إنه سيرسلني أسبوعا في لوكاندة رأس البر كهدية زواج منه، والله حلوة هذه، والبنت نعمات تقول لي في ابتسامتها الحلوة، التي تحاول أن تخلطها بتكشيرة: أكنت حفظت القرآن والكتابة والحساب لتظل طول عمرك صبي مقهى؟
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون . من يدري ربما يكون عملي مع الخواجة لمبرو هو المصير الذي اختاره الله لي.
أنا بعد في كامل صحتي، وها أنا ذا مقبل على زواج أغلب الأمر أن يعقبه أولاد، وإذا كان ما أكسبه اليوم وما ستكسبه نعمات كافيا لكلينا، فكيف سنواجه الأولاد؟
لقد تيتمت وأنا طفل لم أتم حفظ القرآن، واضطرتني الحياة أن أعمل حين كان أترابي يلعبون، وربما يكون الله سبحانه وتعالى عوضني عن اليتم بحب الناس لي، وأن كثيرا من الناس يقولون لي إن في وجهك القبول يا سويلم، ألا يجوز أن يكون هذا القبول هو نصيبي الذي قسمه لي الله في الدنيا، أنا لا أغضبه، البنت حميدة حاولت معي وقلت في نفسي إني أخاف الله ولم أذهب إلى موعدها، وحين أخطأت مع البنت تفيدة زوجة حسنين خفير العمدة، ظللت نادما أياما طويلة، وخاصة بعد أن رأيت معها عويس قاهي العمدة، إنها بنت سائبة وزوجها هو الآخر حمار، يتزوج بنتا أصغر من ابنته، ويريدها أن تظل شريفة خوفا من شريطه الأحمر.
وها أنا ذا أتزوج وأنا صغير، حتى لا تستطيع فتاة أن تميلني، ونعمات جميلة، قمر ودمها زي الشربات، أليس من حقها علي أن تجدني رجلا كاملا تحتمي في ظله، وتركن إليه فتجد عنده الأمن والطمأنينة،
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ، وكيف تسكن إلي إذا أنا بقيت خادم مقهى.
Page inconnue