الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما] وقال: وهذا حديث حسن غريب.
وقد اختلف العلماء في بيان درجة هذا الحديث، وفقهه اختلافًا كثيرًا، فقد ضعفه الإمام أحمد، وغيره. قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (٧/ ٣٩٤): [أما قوله: [وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض] فهذا رواه الترمذي وقد سئل عنه احمد بن حنبل، فضعفه، وضعفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح، وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة، قالوا: ونحن نقول بذلك كما ذكر القاضي أبو يعلي، وغيره. ولكن أهل البيت لم يتفقوا، ولله الحمد على شيء من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرؤون المنزهون عن التدنس بشيء منه].
وهذا الحديث قد ورد من طرق أخرى كثيرة عن جابر بن عبد الله، أبي هريرة، وابن عباس، وعلي، وزيد بن ثابت، وغيرهم، وقد تتبع الشيخ الألباني طرق الحديث، وصححه بالشواهد، وكذا فعل الشيخ الأرناؤوط في تحقيق المسند حيث صححه بالشواهد، ما عدا قوله: [ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض].
وسوف أنقل هنا ما وجه به الشيخ الألباني الحديث بعد تصحيحه، وما ردَّ به على الشيعة في تفسيرهم المنحرف له، قال ﵀ في "السلسلة الصحيحة" (٤/ ٣٥٩): [من المعروف أن الحديث مما يحتج به الشيعة، ويلهجون بذلك كثيرا، حتى يتوهم أهل السنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعا واهمون في ذلك، وبيانه من وجهين: الأول: أن المراد من الحديث في قوله ﷺ: " عترتي " أكثر مما يريده الشيعة، ولا يَرُدَّه أهل السنة بل هم مستمسكون به، ألا وهو أن: العترة فيهم هم أهل بيته ﷺ وقد جاء ذلك موضحا في بعض طرقه كحديث الترجمة: " عترتي أهل بيتي " وأهل بيته في الأصل هم: نساؤه ﷺ وفيهن الصديقة عائشة ﵅ جميعا - كما هو صريح قوله تعالى في (الأحزاب): (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) بدليل الآية التي قبلها والتي بعدها: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا. وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)، وتخصيص الشيعة (أهل البيت) في الآية بعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين ﵃ دون نسائه ﷺ من تحريفهم لآيات الله تعالى انتصارًا لأهوائهم كما هو مشروح في موضعه، وحديث الكساء، وما في معناه غاية ما فيه: توسيع دلالة الآية، ودخول علي وأهله فيها، كما بينه الحافظ ابن كثير وغيره،
1 / 15