La voie de la vérité et la révélation de la sincérité
نهج الحق وكشف الصدق
Genres
وكل ذلك بسبب سوء فهمهم وقلة تحصيلهم والأصل في ذلك أنه تعالى واجب الوجود وكل ما عداه ممكن وكل ممكن فإنه إنما يصدر عنه ولو عرف هؤلاء الله حق معرفته لم تتعدد آراؤهم ولا تشعبوا بحسب ما تشعب أهواؤهم
المبحث الثاني في أنه تعالى مخالف لغيره بذاته
العقل والسمع تطابقا على عدم ما يشبهه تعالى فيكون مخالفا لجميع الأشياء بنفس حقيقته. وذهب أبو هاشم من الجمهور وأتباعه إلى أنه يخالف ما عداه بصفة الإلهية وأن ذاته مساوية لغيره من الذوات. (1) وقد كابر الضرورة هاهنا الحاكمة بأن الأشياء المتساوية يلزمها لازم واحد لا يجوز اختلافها فيه فلو كانت ذاته تعالى مساوية لغيره من الذوات لساواها في اللوازم فيكون القدم والحدوث والتجرد والمقارنة إلى غير ذلك من اللوازم مشتركا بينها وبين الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا. ثم إنهم ذهبوا (2) مذهبا غريبا عجيبا وهو أن هذه الصفة الموجبة للمخالفة غير معلومة ولا مجهولة ولا موجودة ولا معدومة وهذا كلام غير معقول في غاية السقوط
(1) وأتباعه من الأشاعرة: القاضي أبو بكر الباقلاني، وأبو المعالي الجويني، على ما يظهر من شرح المواقف، والملل والنحل ج 1 ص 99 و100.
(2) الملل والنحل ج 1 ص 82 عن أبي هشام ومن تبعه، وتوجد فيه في ص 932 و100 بعض هذه الغرائب عن أهل السنة أيضا، فراجع.
Page 54