173

Souffle de bonheur issu de la branche fertile d'Al-Andalus

نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب

Chercheur

إحسان عباس

Maison d'édition

دار صادر-بيروت

Lieu d'édition

لبنان ص. ب ١٠

وقال السلطان يعقوب المنصور (١) ابن السلطان يوسف ابن السلطان عبد المؤمن بن علي لأحد رؤساء أجنادها: ما تقول في قرطبة؟ فخاطبه على ما يقتضيه كلام عامّة الأندلس بقوله: جوفها شمام، وغريبها قمام، وقبلتها مدام، والجنّة هي والسلام.
يعني بالشّمام جبال الورد، ويعني بالقمام ما يؤكل إشارةً إلى محرث الكنبانيّة (٢)، ويعني بالمدام النهر.
ولما قال والده السلطان يوسف بن عبد المؤمن لأبي عمران موسى بن سعيد العنسي (٣): ما عندك في قرطبة؟ قال له: ما كان لي أن أتكلّم حتى أسمع مذهب أمير المؤمنين فيها، فقال السلطان: إن ملوك بين أمية حين اتخذوها حضرة مملكتهم لعلى بصيرةٍ، الديار المنفسحة الكثيرة (٤)، والشوارع المتسعة، والمباني الضخمة المشيدة، والنهر الجاري، والهواء المعتدل، والخارج الناضر، والمحرث العظيم، والشّعراء الكافية، والتوسط بين شرق الأندلس وغربها، قال: فقلت: ما أبقى لي أمير المؤمنين ما أقول.
قال ابن سعيد: ولأهلها رياسة ووقار، لا تزال سمة العلم والملك متوارثةً فيهم. إلا أن عامّتها أكثر الناس فضولًا، وأشدّهم تشغيبًا، ويُضرب

(١) السلطان يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن (٥٨٠ - ٥٩٥) من أعاظم خلفاء الموحدين، كان جوادًا شجاعًا كريمًا عالمًا. (انظر له ترجمة في وفيات الأعيان ٦: ٤ وروض القرطاس: ١٦٠ (ط. فاس) وأخباره في المعجب والبيان المغرب وغيرهما من المصادر التاريخية) .
(٢) الكنبانية: قال فيها ياقوت: ناحية بالأندلس قرب قرطبة، وهذا تعريف قاصر، فإن الكنبانية هي الأراضي السهلة الزراعية أينما كانت، وقد ذكر ابن الخطيب الكنبانية في الحديث عن غرناطة (١: ١٠٢) وأصلها من الكلمة اللاتينية (Campania) أي الحقل أو المحرث كما يسميها الأندلسيون، وتكتب أحيانًا بالقاف. (انظر ملحق دوزي: قنبانية) .
(٣) السلطان يوسف بن عبد المؤمن (٥٥٨ - ٥٨٠) ثاني خلفاء الموحدين؛ أما موسى بن سعيد فهو والد علي صاحب المغرب، كان شغوفًا بالتاريخ وولي للموحدين بعض الأعمال وتوفي بالإسكندرية (٥٧٣) . راجع ٢: ١٧٠.
(٤) ك: الكبيرة.

1 / 154