184

منها : قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) (1)، ومنها قوله تعالى : ( وجوه يومئذ مسفرة (38) ضاحكة مستبشرة (39) ووجوه يومئذ عليها غبرة (40) ترهقها قترة (41) أولئك هم الكفرة الفجرة (42)) (2)، ومنها قوله تعالى ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ) (3)، وهذا يقتضي أن كل من يسود وجهه لا يكون إلا كافرا ، ومنها قوله تعالى : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) (4)، ومنها قوله تعالى : ( وهل نجازي إلا الكفور ) (5).

فيقال لهم فيما تعلقوا به :

أولا : هذه الشبهة مبنية على عموم لفظه «من» ، ونحن نخالف في ذلك ، وقد بينا فيما تقدم أن لفظة «من» غير عامة بظاهرها ، وأن العموم فيها أو الخصوص إنما يعلم بدليل (6)، ولا ظاهر لهذه الآية يتعلق به الخوارج ، ولو سلم لهم مسلم الظاهر ، لجاز تخصيصه بالأدلة القاطعة.

والجواب عن ثانيها : أن هذه الآية إنما يستفاد بظاهرها أن النار المتلظية الموصوفة في الآية لا يصلاها إلا من كذب وتولى ، بقي عليهم أن يدلوا على أنه لا نار لله تعالى سوى هذه الموصوفة ، فلا دليل على ذلك.

فإن قالوا : أراد جنس النار ووصفها بالتلظي الموجود في كل نار.

قلنا : هذا من أين لكم ، ما أنكرتم أن تكون الإشارة إلى نار مخصوصة.

على أن الخوارج لا بد لهم من ترك هذا الظاهر ؛ لأنه ليس كل عاص مكذبا متوليا ، وظاهر الآية أنه لا يصلى هذه النار إلا من كان بهذه الصفة.

والجواب عن ثالثها : أن وصفه تعالى الوجوه التي عليها غبرة بأنها للكفرة الفجرة ، لا يدل على أن ليس هناك وجوه أقوام من أهل العقاب ليست بهذه الصفة بل بصفة أخرى ، إما بأن لا يكون عليها غبرة بل تسمية أخرى أو بأن يكون عليها غبرة لا يرهقها قترة.

Page 302