127

لفظ عموم؟!. وليس لهم أن يقولوا : لو أراد التخصيص لبين ؛ لأن ذلك يمكن عكسه عليهم. وهي أيضا مجملة من وجه آخر ؛ لأن لفظة «سبيل» منكرة ، فمن أين لهم وجوب اتباعهم في كل شيء عموما؟!.

ويقال لهم فيما تعلقوا به ثانيا : هذه الآية يقتضي ظاهرها وصف الأمة بالعدالة والشهادة أيضا وهذا الوصف يقتضي ظاهره أن يكون كل واحد منهم بهذه الصفة ، ومعلوم بيننا خلاف ذلك. فإذا حملوا الآية على بعض الأمة دون بعض الذين هم العدول ، لم يكونوا بذلك أولى منا إذا حملناها على المعصومين من الأئمة ، فإن قالوا : لم نحملها على الجميع للوصف الذي لا يليق بالجميع ، فحملناها على كل من يليق به الوصف. قلنا : ليس هيهنا لفظ عموم ، كما كان في الآية الأولى ، واللفظ محتمل للأمرين ، فإذا جاز أن يحملوه على بعض دون بعض ، جاز لنا مثل ذلك وقمنا فيه مقامكم. على أنهم إذا حملوها على العموم في كل من كان ظاهره العدالة ، لزمهم توجه الآية إلى جميع من هو بهذه الصفة إلى يوم القيامة على سبيل الاجتماع ، فيبطل قولهم : إن إجماع أهل كل عصر حجة.

وأيضا ؛ فإن وصفهم بالعدالة ليكونوا شهداء إنما يقتضي أن يجتنبوا ما أخرج من العدالة ، والصغائر عندهم لا تخرج عن العدالة ، فيجب أن تجوز عليهم ، وهم لا يجوزون أن يجمعوا على قبيح صغير ولا كبير.

وأيضا ؛ فإن الآية كالمجملة ؛ لأنها غير متضمنة بأنهم جعلوا عدولا في كل شيء ، وفي جميع أفعالهم وأقوالهم ، ومن ادعى عموم ذلك فعليه الدلالة ، والرسول عليه السلام لم تجب عصمته من القبائح كلها ، لكونه شهيدا بل لنبوته.

ويقال لهم فيما تعلقوا به ثالثا : إن التأمل لما تكلمنا به على الآيتين المتقدمتين يبطل تعلقهم بهذه الآية ؛ لأن وصفهم بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا يليق بجميع الأمة ، فلا بد من حمله على بعضهم ، وإذا فعلوا ذلك لم يكونوا أولى منا إذا حملناها على من ثبتت عصمته وطهارته.

Page 245