Effluves de Rayhana
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
أشكو إلى الله لا أشكو إلى أحدٍ ... ما نابنِي من صديقٍ يدَّعي الرَشَدا
صافيته من ضميري وُدَّ ذي مِقتٍ ... فاعتضتُ عنه بمذقٍ باللِّساِن غدا
فعدتُ من بعدِه والدَّهرُ ذو عجبٍ ... لا أصطفي في الورى لي صاحبًا أبدا
وله في الشيخ محمد الجواد الكاظمي:
جرَى في حلبةِ العلياءِ شوطًا ... بسعيٍ ما عدا سننَ السوادِ
ففاتَ السابقينَ إلى المعالي ... وما هذا بِبدعٍ من جوادي
وله في إثبات التَّشوق، وحزن التفرق؛ وفيه التفريع، من أنواع البديع:
وما ظبيةٌ قد بانَ عنها وليدها ... فضاقتْ بها الغبراءْ ذرعًا وبيدُها
وهامتْ بما لاقته من حرِّ وجدِها ... وراحتْ فلا تدري إلى أينَ عودُها
تجوب الفيافي في الهجيرِ فلا ترى ... أنيسًا بها يبدو سِوى من يعيدُها
بأحزنَ منِّي حين سارَت مطيُّ من ... أحبُّ وروحي في يديهِ وجودُها
وله:
يقولون في الغليونِ أفرطْتَ رغبةً ... وليسَ بشيءٍ تقتنيهِ وتختارُ
فقلتُ لهم ما ذاكَ إلا لأنه ... مضاهيَّ لا تنفكُّ في قلبه النارُ
ومن غزلياته قوله:
روحي الفداءُ لشادنٍ ... ذي نفرةٍ من زيِّ آنسْ
سلبَ الجفونَ رقادها ... وأثارَ في القلبِ الوساوسْ
وأعارَ من سقمِ اللِّحاظِ ... لجسمي المضنى الوساوسْ
ويلايَ من جورِ القوا ... مِ إذا بدا كالغصنِ مائسْ
وإذا رنا فالبيضُ تش ... بهُ فعلَ هاتيكَ النَّواعسْ
يا لائمًا يرجو سلوَّ ... فتًى له جلبتْ هواجسْ
خفِّض عليكَ فإنني ... مُغرًى لثوبِ السقمِ لابسْ
أنَّى سلوُّ متيَّمٍ ... من روحِه في الحبِّ آيسْ
يجد الملامَ ألذَّ من ... صدِّ الذي بالوصلِ شامسْ
لهفي على زمنٍ لنا ... يُهدي المناسبَ والمُجانسْ
أيَّام كنت وغصن ودِّ ... ي أخضرٌ والصَّدُّ يابسْ
ومناهل اللَّذَّاتِ صا ... فٍ وردها مع كلِّ كانسْ
والدَّهر طلقٌ والشَّبي ... بة غضَّةٌ والرَّبع آنسْ
والرَّاح دارَ فلا تسلْ ... ما حلَّ في تلك المجالسْ
وله بعد ما بعد عن أوطانه، متذكرًا عهد منشئهِ وقطانه:
فؤادُ المعنَّى بالتَّباعد مودعُ ... بحيِّ الذي يهوى فلوموه أو دعوا
ففي قلبهِ من لاعِجِ الوجدِ شاغلٌ ... وليس له في العيشِ بالبعدِ مطمعُ
يودُّ بأن يقضي ولم يقضِ ساعةً ... له بالنَّوى لو كان ذلك ينفعُ
وما باختيارٍ منه أصبحَ نازِحًا ... وماذا الذي فيما قضى البينُ يصنعُ
سأشكو من البينِ المفرق بيننا ... إلى الله علَّ الله للشملِ يجمعُ
فجسمي نحيلٌ مذ نأى من أودُّهُ ... وعيني لطولِ البعدِ لم تكُ تهجعُ
فلو عادَني العوَّادُ لم يهدهم إلى ... مكاني سوى ما من أنيني يسمعُ
ولو عادَ من أهوى لعادتْ به القُوى ... لجسمٍ بأثوابِ الضنى يتلفَّعُ
فيا ليتَ شعري هل أراهُ ولو كرًى ... وهل ذلك الماضي من العيشِ يرجِعُ
وهل علم الأحبابُ أنِّي مفارقٌ ... حشاشةَ نفسٍ ودَّعت يومَ ودَّعوا
وهل هم على العهدِ القديمِ الذي أنا ... عليه مقيمٌ أم لذلك ضيعوا
وله:
لا بِدعَ أن أضحى الجهولُ يدَّعي ... مكانتي ويدَّعي الترفُّعا
فالشمسُ أعلى مفخرًا وقد غدا ... من فوقِها كيوانُ أعلى مطلعَا
ومن قول ابن رشيق:
بحيثُ يهونُ المرءُ يكرمُ ضدُّهُ ... وحيث هبوطُ الشمس يشرقُ كيوانُ
وله:
رعى الله أوقاتًا بها كنتُ أجهلُ ال ... فراقَ وأيامًا بها أُنكِر الجفَا
1 / 52