( ... والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب ). (آل عمران / 7)
إن الآية الأخيرة تلقي الأضواء على العلاقة الوثيقة بين العلم والإيمان ، وتبين بأن المطلع والمتبحر هو الأرسخ في الإيمان والتسليم (1).
إن هذه الآيات تبين بوضوح أن المعرفة هي إحدى السبل المؤدية إلى الإيمان ، والإيمان الذي ينبع منها سيكون راسخا قويا ومتجذرا إلى مستوى بحيث نقرأ في قصة موسى عليه السلام السحرة في عصر فرعون ، أن إيمانهم بموسى عليه السلام كان بسبب معرفتهم بأن ما جاء به موسى عليه السلام لم يكن سحرا ، فما كان من فرعون إلاأن هددهم بشدة قائلا لهم : ( آمنتم له قبل أن آذن لكم؟! ) فالطغاة يريدون التحكم حتى بعقول الناس وإيمانهم القلبي وفهمهم ولا يتصرف أحد بأي شيء إلاباذن منهم ، وقد جاء في تهديد فرعون لهم أنه قال :
( فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم فى جذوع النخل ... ) . (طه / 71) لكنهم كانوا بدرجة من الصمود بحيث كانوا يقولون له :
( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذى فطرنا فاقض ما أنت قاض ). (طه / 72)
وفعلا فقد نفذ فرعون وعيده الذي قطعه على نفسه بالإنتقام من السحرة المؤمنين ، واستشهدوا من أجل المعتقد الذي ذابوا فيه عشقا ونالوا مبتغاهم الاسمى وهو الشهادة.
يقول المفسر الكبير المرحوم الطبرسي إنهم : «كانوا في أول النهار كفارا سحرة وفي آخر النهار شهداء بررة».
إن ثمرات العلم له تنحصر بالإيمان فحسب بل تشمل الإستقامة والصمود أيضا. (2)، (3)
Page 54