104

أما «الشعور» فيعني العلم والمعرفة كما يقوله بعض من أئمة اللغة كصاحب القاموس ولسان العرب ومقاييس اللغة وغيرهم إلاأن الراغب قال في مفرداته : يعني «الاحساس» ، وإذا كان المقصود هو الاحساس الباطني فلا اختلاف مهم بين ما قاله الراغب وما قاله الآخرون في شرح معنى الشعور ، وقد جاء الشعور في كثير من آيات القرآن وأريد به (العلم)، إلاأنه استعمل في موضع آخر وقصد به الاحساس الخارجي.

إن كلمة «البصيرة» اشتقت من البصر ، وقد جاءت كما يقول الراغب بثلاثة معان : بمعنى العين ، وبمعنى قوة العين ، وبمعنى قوة الإدراك والعلم.

وقد قال البعض : إن معناها في الأصل هو العلم سواء حصل بالمشاهدة الحسية أو بالعقل (1).

وتستعمل مفردة «البصيرة» بالخصوص في «الإدراك القلبي والعلم» ، ولهذا جاء في لسان العرب أنها تعني الاعتقاد القلبي ، وقد فسرها البعض بالذكاء الذهني.

وقد استعملت بالمعنى الأخير في القرآن الكريم حيث يقول : ( قل هذه سبيلى أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى ) (2). (يوسف / 108)

وكلمة «الدراية» تعني العلم والخبرة بصورة عامة ، أو العلم والخبرة في الامور الخفية والمستترة ، كما قد جاءت بمعنى «الكياسة» ، كما يستفاد من قواميس اللغة أنها في الأصل تعني الالتفات إلى شيء ثم استعملت وأريد منها الخبرة بشيء ، وقد استعملت في القرآن الكريم مرارا وقصد بها مفهوم «العلم» ، ويستخلص من هذا القسم من بحثنا أن الألفاظ التي استعملت للتعبير عن العقل وأريد منها مفهوم العلم والإدراك ألفاظ متنوعة ، وكل منها تعبر عن بعد وجانب من أبعاد وجوانب العقل ، وقد استعملت كل في موردها!

فعند البحث عن الخبرة مع الدقة استعملت «الدراية» ، وعند البحث عن التحليل والعقل

Page 113