210

Souffles de Camphre

نفحات1

Genres

ثم أفرج عنه من الحبس وعزم للحج اللحج والزيارة ولما رجع أكرمه الإمام المهدي ووهب له دارا عظيمة [بصنعاء]في الميدان بالقرب من المدرسة (1) وقلده القضاء، وأجرى له الجرايات الواسعة والمقررات المعلومة وفوض "إليه" النظر في أوقاف اليمن الأسفل والأوقاف الثلائية وغيرها، وجعله رئيس القضاء بالديوان الأمامي فباشره مباشرة حسنة مع ورع شحيح وتقوى وصلابة في الدين وصدع بالحق وتعفف عما في أيدي الناس، وكان بينه وبين الوزير صفي الدين النهمي كمال الصداقة والإتصال (فكانا لا يفترقان) (2) في غالب الأيام، وكانت له رئاسة وفخامة، وهو مع ذلك مشتغل بالتدريس ونشر السنة النبوية؛ وقرأ عليه عدة أعيان كالوزير العلامة شرف الإسلام الحسن بن علي حنش ولازمه مدة طويلة يأخذ عنه العلوم،وكالمولى محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن علي المتوكل والوالد العلامة محمد بن الحسين الحوثي وغيرهم[160-أ].

ثم حبسه الإمام المهدي مرة أخرى في سنة ثمان وثمانين ومائة وألف فأقبل على العبادة[50ب-ب] والإشتغال بما يعود عليه نفعه وصبر صبرا جميلا، ورضى بالمقدور، ولم يزل على ذلك حتى أفرج عنه الإمام المنصور بالله بن المهدي في سنة ست وتسعين ومائة وألف وكتب الإمام المنصور إطلاقه بخط يده وأرسله إليه بعد العشاء، ولم يشعر بذلك أحد فكانت هذه من مناقب الإمام أيده الله مع كون الإمام رجع من حرب البغاة في اليوم الذي أفرج عنه في ليلته فلم يكن ذلك مظنة لإحاطة خاطره الكريم به والإلتفات إليه لإشتغاله بتدبير أمر الأجناد واستئصال شأفة أهل البغي والفساد ، ولكن قلوب الملوك بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء.

ومن المكاشفات العجيبة أن صاحب الترجمة كان قد فعل في الحبس قبيل إطلاقه قصيدة أولها:

إن رجواك للذي يملك الملك

وسواه لا يملك النفع والإضرا

فتوكل عليه في كل حال

كلما قلت يا إلهي أجبني

Page 254