قد أبرزتها في معرض المحاورة، لتجنح إليها أرباب المحاضرة، وأودعتها غررا من بنات الأفكار، ودررا تزهو على البنات الأبكار.
كلما لو للدهر سمعا ... مال من لطفها إلى الإصغاء
فهي مقامة لطيفة تغنى عن مقامات البديع، ومقالة ظريفة تحتوي على بديع المحاسن ومحاسن البديع، بل فكاهة أحلى من عيش الصبا، ونفثة أرق من نفحة نسيم الصبا، أخلصت في حسن تخلصها لمدح أمير المغرب، وضمنتها معنى (المرقص والمطرب)، فهي (عنقاء مغرب) وسميتها (نضرة البهار في محاورة الليل والنهار)، وذلك أنه أبدى السنا والدجى ما هو للأذن قرط وللعين قرة، فكلما أسفرت ذاك عن بياض الغرة قابلة هذا بسواد الطرة، ثم صار الهزل جدا، فاستنجد كل منهما أميره، وأفشى له سره وضميره، وإذا بالليل حمل على النهار، فصبغ حمرة وردته بصفرة البهار، وخطر يجر ذيول تيهه وعجبه، مرصعا تيجان مفاخرة بدرر شهبه، وقد كساه بدر الكمال برد الجمال، ولوائح المهابة والجلال، تلوح عليه في ذلك المجال، فصدر النقول بأحاسن رواياته، وحير العقول بمحاسن كناياته،
1 / 124